٣ إنقاذ في القطب الشمالي
العواصف الثلجية المتلاحقة والضباب الكثيف جعل الطيران أمراً مستحيلاً. وقد أصبحت الدببة التي جاء الرجال الثلاثة لمراقبتها وتصويرها تأتي هي لمراقبتهم والضرب بأقدامها على باب الكوخ حيث كانوا قابعين وراءه. وإنه لمن الطريف أن نقول هنا، بأن الاتصال بين الرجال الثلاثة وبقية العالم لم ينقطع أبداً. لقد كانوا على اتصال مستمر مع العالم عن طريق البريد الإلكتروني وأيضاً عن طريق الهاتف الذي يعمل على البطارية وبواسطة الأقمار الصناعية. ولكن، كما قال أحدهم، "انهم في الوقت الذي كان بإمكانهم أن يطلبوا عن طريق الانترنيت الألوف من البيتزا، فإن الانترنيت لم يكن بإمكانها أن توصل إليهم الغذاء الذي هم بأمس الحاجة إليه ليبقوا على الحياة."

تأملوا بهذه التقنية الحديثة وهذه الاختراعات المدهشة كالبريد الإلكتروني والأقمار الصناعية للاتصالات وكيف أنها كانت كلها عاجزة عن الإتيان بلقمة واحدة من الغذاء الضروري للحياة. إن معارف الإنسان العجيبة هذه كلها لها حدودها التي تتوقف عندها. "لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلّص المؤمنين بجهالة الكرازة." (كورنثوس الأولى 1 : 21 ) . إن أعظم هذه الاختراعات التي وصلت إلى مختلف الكواكب وأماكن بعيدة جداً من الكون، لتعجز عن رفع نفسٍ واحدة إلى السماء.

إنها تذكرنا بواقعة مضى عليها من الزمن آلاف السنين حين قال الإنسان، "هلم نبن لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه بالسماء." (التكوين 11 : 4 ) وبدأ الإنسان يبني ويبني، ولكن هل استطاع أن يصل إلى ما أراد الوصول إليه؟

والجواب على هذا السؤال: لا. ليس في ذلك الوقت، ولا الآن، لا ولن يتمَّ ذلك له أبداً!
إنقاذ في القطب الشمالي ٤

أخيراً، تحسّن الطقس في رانغل آيلاند لفترة قصيرة ولكنها كانت كافية لطائرة مروحية كي تصل إليها فتنقل الرجال الثلاثة عائدة بهم إلى حيث جاءوا. لقد تم أخيراً إنقاذهم. صحيح أنهم عادوا تعبين ونحيلين ضعفاء، ولكنهم كانوا بالتأكيد فرحين بالعودة للتنعم بالدفء والغذاء والنور.

وهكذا نحن، في هذا العالم المظلم، حيث نكافح من أجل الحياة بتعب وجهد، بحاجة أيضاً إلى أحد ما من فوق، ليأتي وينتشلنا من هذه البرودة وهذا الظلام. بحاجة لمن ينقلنا من الظلمة إلى نوره العجيب. والحقيقة إذ أنه ليس هناك على الأرض من قوة تستطيع أن تفعل ذلك، لذلك فإن الله قد بعث بابنه السيد يسوع المسيح، لينقذنا ويمنحنا النور والحياة والحب.

حين وصلت الطائرة المروحية، لم يُضِع الرجال الثلاثة وقتاً إذ تسلقوا إليها بأسرع ما يمكن. وطبعاً، فقد اقتضت حكمتهم أن يفعلوا ذلك! فهبوب عاصفة ثلجية أخرى أمر ممكن في أية لحظة والتباطؤ ربما يؤدي إلى فشل عملية الإنقاذ. وهكذا أيضاً، فإن على أي رجل حكيم أن لا يتأخر بقبول عرض الله للخلاص.

" ‮"‬فكيف ننجو نحن إن أهملنا {أو تأخرنا في القبول} خلاصا هذا مقداره"
‮(العبرانيين 2 : 3)‬