وعند نقطة الصراع هذه نجد مساحة كبيرة من شعب الله يتوقفون هناك، ويتقهقرون، ويتأرجحون نكوصاً وإقداماً.

وهناك عوامل كثيرة تبقى هذا الصراع ولا تحسمه فى اتجاهه الصحيح، منها الجهل بالتعليم الكتابى الصحيح، وعدم تسليم النفس تماماً لله مما يظهر فى عدم خضوعها وتفبلها لكل ما يجرى معها، وربما يكون أيضاً التكوين النفسى والعصبى للشخصية الذى قد يميل أحياناً إلى العصاب النفسى والحالة اللاسويّة.

وعند النقطة الأخيرة نقول إن الشباب الصغير يصبح من ألزم المحتاجين إلى يد العون والتسنيد، خاصة فى أوقاتنا هذه التى تزداد الصعوبات فيها من كل وجه، والحياة تقسو ثقيلة على نفوسهم. وعلى الذين يحملون مسئوليات النفوس أن يتصفوا باللطف والحزم والحكمة والفهم الواعى لكل حالة على حدة.

ونحن لا نقول أن كل الصراعات لها أسباب روحية إيمانية مباشرة، بل منها ما يتسبب عن عوامل اجتماعية وبيئية، أو عن عوامل مرضية جسمانية أو نفسية، ومنها ما يرتبط بالمراحل النفسية المختلفة للنمو وغيرها من أسباب لها اعتبارات صحيحة فى هذا الأمر.

غير أن سطور الكتاب هنا تتجه إلى النفوس المولودة من الله والتى لم تستقر بعد فى علاقتها مع الله. فنراهم مثلاً يطلبون غفران الخطايا على مدى العمر بصورة مؤرقة لنفوسهم.

إنهم قلقون تجاه مستقبلهم الأبدى ويخشون الموت لئلا يواجهون الله بحالة ضميرهم المعذبة. ولا شك فإن تلك النفوس تكشف عن طبيعة روحية مرهفة الحساسية تجاه قداسة الله، أمام واقع متعثر وأخطاء واضحة، وحالة لا تتفق مع نور الله الكامل.

ولكن من جهة أخرى نقول إن هذه النفوس معذبة وبائسة - ويالها من حالة تعيسة! فمن يمسك بأيدى هؤلاء لينقلهم إلى معرفة الإنجيل الصحيحة، وفى المسيح يرون أنه الفادى الذى حمل مذنوبيتهم و مديونيتهم على الصليب، فيتدحرج عنهم عارهم إلى الأبد، فتنطلق ألسنتهم بالترنم والفرح بالخلاص، وينتقلون إلى دائرة التمتع بالتبنى كأولاد الله.

ونحن نرى أن السبب الغالب لتأخر هذه النفوس المولودة فى نوال اختبارات الخلاص والعتق هو نقص التعليم الكتابى الصحيح، وحجب نور الإنجيل عن هذه النفوس، ربما تحت غطاء المعتقدات المذهبية والطائفية، وربما لنقص أو ضعف الاختبار المسيحى وهزاله عند الذين يتولون رعاية النفوس. فكم من مسئولين وأعضاء طوائف لم تزل علاقتهم مع الله غير مستقرة ويرزحون فى دائرة من الشك والقلق فى إيمانهم. ترى هل لمثل هؤلاء قدرة على خدمة قطيع الله ورعايته ليقدموا له كلمة الله كلبن عقلى عديم الغش.

إن بلوغ النفس إلى حالة الإستقرار والنضج الروحى هو أهم اختبار روحى يحتاجه المبتدئون. فمن دائرة الخلاص ويقين الخلاص تبدأ النفس شركتها مع الله فى النور الكامل، وتثمر بالروح لمجد الله، وبذلك تصبح نافعة لخدمة الآخرين بحسب ما نالت من موهبة.

ولقد جمع الكاتب من خلال جولاته التبشيرية هذه الأسئلة التى كانت تتردد على ألسنة المتجددين محاولاً أن يجيب عنها كما جاء فى الكتاب ليشجع نفوسهم فى طريق الإيمان ومثبتاً إياهم فى الحق.

٦     ٧