و على هاتين الإشارتين لفقوا ، فى الحديث و السيرة و
التفسير ، هذه القصة : " بينما أنا فى المسجد الحرام
، فى الحجر ، عند البيت ، بين النائم و اليقظان أتانى
جبريل بالبراق – أو من الحرم و سماء المسجد الحرام لأنه
كله مسجد ، أو لأنه محيط به ، لما روى أنه كان نائما فى
بيت أم هانى بعد صلاة العشاء " ( البيضاوى ) . و
هند هى بنت عمه أبى طالب . و البراق " دابة أبيض
فوق الحمار و دون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه "
( الجلالان ) ، " و هى الدابة التى كانت تحمل عليها
الأنبياء قبله " ( السيرة لبن هشام 2 : 38 ) – و
الكتاب و أسفار الأنبياء تجهلها . " فقال جبريل :
أيها النائم ، قم . فانحنت الدابة ، و لها أجنحة كأجنحة
النسر ، أمام رسول الله ، فاعتلاها و انطلقت به انطلاق
السهم ، فوق جبال مكة ، و رمال الصحراء ، متجهة الى الشمال
" ( حسين هيكل ، حياة محمد ) . " فسار بى حتى
أتيت بين المقدس فربطت الدابة بالحلقة التى تربط فيها
الأنبياء " ( الجلالان ) . " و بيت المقدس مهبط
الوحى ، و متعبد الأنبياء ، محفوف بالأنهار و الأشجار
" 1 ( البيضاوى ) . فصلى النبى بين الأنبياء
ابراهيم و موسى و عيسى . 2
ثم أوتى بالمعراج فارتكز الى صخرة يعقوب ، و عليه صعد
محمد سراعا الى السماوات يقوده جبريل ، و له ستماية جناح
. فاجتاز السماء الأولى ، و هى من فضة خالصة ، علقت اليها
النجوم بسلاسل من ذهب ، و قد قام على كل منها ملاك يحرسها
حتى لا تعرج الشياطين . الى علو عليها ، أو يستمع الجن
الى اسرار السماء ( حسين هيكل : حياة محمد ) . فرأى فيها
رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، فى أيديهم قطع من نار
كالأنهار ، يقذفونها فى أفواههم فتخرج من أدبارهم ( سيرة
ابن هشام ) . و رأى فى غيرها عزرائيل ، ملاك الموت ، بلغ
من ضخامته ان كان ما بين مسيرة سبعين ألف يوم ! و كان
يسجل فى كتاب ضخم أسماء من يولدون و من يموتون ! و رأى فى أخرى ملاكا ضخما نصفه من نار و نصفه من ثلج . و فى
1 يظهر أن الإمام
البيضاوى يجهل بيت المقدس جهلا مطبقا . يؤكد ذلك من عاش
فى المقدس زهرة شبابه ، يطوف بها مدة اثنتى عشرة سنة . 2 إن كانت تلك الصلاة رؤيا فليس الإسراء بمعجزة
حسية ، و إن كانت حدثا واقعيا ، فكيف رجع أسياد الأنبياء
الى حياة الدنيا ليصلوا مع النبى ؟
معجزة
القرآن
٩٩
السماء السابعة رأى ملاكا أكبر من الأرض كلها ، له
سبعون ألف رأس ، فى كل رأس سبعون ألف فم ، فى كل فم سبعون
ألف لسان كل لسان ينطق بسبعين ألف لغة ، من كل لغة بسبعين
ألف لهجة ، فسار النبى ما بين خلق و خلق ما مسيرته بتلك
السرعة خمسماية عام ، حتى وصل الى حضرة القديم ، فكان
ما بينه و بين العرش " قاب قوسين أو أدنى "
. و ذلك عند " سدرة المنتهى ، فإذا أوراقها كآذان
الفيلة ، و اذ ثمرها كالقلال . فلما غشيها من أمر الله
ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع يصفها من حسنها
. قال : فأوحى الله إلى ما أوحى " ( الجلالان ) .
هناك " رأى من آيات ربه الكبرى " – " فرأى
من عجائب الملكوت رفرفا أخضر سد أفق السماء " . حينئذ
مد العلى القدير يدا على صدر محمد ، و الأخرى على كتفه
دليل الرضى و القبول . و فرض الله على أمته خمسين صلاة
فى كل يوم و ليلة . و رجع بها محمد حتى لقى موسى ، فحذره
موسى و قال : ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا
تطيق ذلك . فأخذ محمد يطوف بين الله و موسى ، حتى خفف
الله الفريضة الى خمس مرات فى اليوم . أخيرا نزل محمد
على المعراج الى الأرض ، و امتطى البراق الى مكة . "
رواه الشيخان . و روى الحاكم فى ( المستدرك ) عن ابن عباس
قال : قال رسول الله صلعم رأيت ربى عز و جل " ( الجلالان
) .
1 – تلك هى قصة الاسراء و المعراج فى الحديث و السيرة
و التفسير . أصحيح ان النبى الصادق الأمين قد رواها ؟
ظاهرها يدل عليها : إنها من الاسرائيليات التى تزخر بها
كتب اليهود المنحولة .
نعرف أن الملاك روح لا جسد له ، أو هو " من نار
" كما يقول القرآن . فكيف يكون لعزرائيل رأس ، ما
بين العينين فيه مسيرة سبعين ألف يوم ؟ و ما هذا الملاك
الذى نصفه من نار و نصفه من ثلج ؟ و ذاك الملاك الذى هو
أضخم من الأرض كلها ، و له سبعون ألف رأس ، فى كل رأس
سبعون ألف فم ، فى كل فم سبعون ألف لسان ، و كل لسان ينطق
بسبعين ألف لغة ، و من كل لغة بسبعين ألف لهجة ؟ ! و ما
هو هذا البراق " الدابة فوق الحمار و دون البغل ،
و له أجنحة كأجنحة النسر " ! و محمد يربط البراق
" دابته بالحلقة التى كانت تربط بها الأنبياء "
: و نعرف من التاريخ أنه لم يكن فى زمن محمد لا هيكل و
لا حلقة ، بل أطلال على أطلال . و حديث الشيخين يضع عيسى
فى السماء الثانية مع يحيى ابن خالته ، و يوسف فى الثالثة
، و ادريس فى الرابعة ، و هارون فى الخامسة ، و موسى فى
السادسة و ابراهيم