1 – لكن ميل القرآن إلى إسناد كل عمل إلى الله ، و
هو المصدر و المعاد ، حمل بعض القوم الى رؤية معجزات فى
موقف البطولات . و فلسفة القرآن فى الجهاد و النصر و الفتح
تشابهت عليهم . فالقرآن نفسه أخذ نصر بدر ، بعد عجز محمد
عن كل معجزة حسية ، و بعد نسخ اعجاز القرآن كمعجزة ( آل
عمران 7 ) يعتبر آية " الحديد " أى السيف (
الحديد 25 ) آيته الكبرى فى رسالته .
لكن " من الجدير بالتنبيه أن آيات وقائع الجهاد
النبوى قد نزلت بعد الوقائع ، مما يسوغ القول : ان الوقائع
قد كانت بأمر النبى صلعم و رأيه ، و بدون وحى قرآنى كما
هو شأن أكثر احداث السيرة النبوية " 1 . و هذا
يخرج وقائع الجهاد من شروط المعجزة : التحدى بها قبل وقوعها
.
كانت الدعوة بمكة ، على طريقة الأنبياء الأولين ، "
بالحكمة و الموعظة الحسنة " ، فصارت الدعوة بالمدينة
عسكرية بالجهاد . و تشريع الجهاد مع المبدأ : " لا
اكراه فى الدين " لا ينسجمان . لنا على ذلك اسلام
أهل مكة أنفسهم : فلم يسلموا إلا بالفتح العسكرى . لكن
بعد ذلك صح إسلامهم و فتحوا الدنيا للإسلام .
2 – و فلسفة الجهاد فى القرآن ، لا تسمح أن نرى فيه
معجزة .
يقول : " كتب عليكم القتال ، و هو كره لكم ! و
عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم ، و عسى أن تحبوا شيئا
و هو شر لكم ، و الله يعلم و أنتم لا تعلمون " (
البقرة 216 ) . فكانوا يكرهون قتال قومهم .
و يقول : " فلما كتب عليهم القتال ، إذا فريق منهم
يخشون الناس كخشية الله ، أو أشد خشية ! و قالوا : ربنا
، لم كتبت علينا القتال ؟ لولا أخرتنا إلى أجل قريب "
؟ ( النساء 77 ) . فلو كان فى الجهاد معجزة إلهية لما
خشى بعضهم الناس كخشية الله أو أشد خشية !
و يقول و يكرر : " و الفتنة أشد من القتل "
( البقرة 191 و 217 ) ، " و قاتلوهم حتى لا تكون
فتنة و يكون الدين لله " ( البقرة 193 ) . إن اتقاء
الفتنة فى الدين يكون بالإيمان لا بالقتال .
|