و هو الاعجاز حصرا ، و سنفرد له القسم الثانى كله .
بقى الثانى : " و الوجه الثانى انه كان معلوما فى
حال النبى صلعم أنه كان أميا لا يكتب و لا يحسن أن يقرأ
. و كذلك كان معروفا من حاله أنه لم يكن يعرف شيئا من
كتب المتقدمين و أقاصيصهم و أنبائهم و سيرهم . ثم أتى
بجملة ما وقع و حدث من عظيمات الأمور ، و مهمات السير
، من حين خلق الله آدم عليه السلام ، الى حين مبعثه "
.
فالققص القرآنى عنده وجه ثان من وجوه اعجاز القرآن .
يشبهه أخبار الخلق و التكوين ، و أوصاف اليوم الآخر
. و ما نقوله فى القصص القرآنى ، من حيث فيه نبوءة من
علم الغيب ، ينطبق على النوعين الآخرين .
فالباقلانى و من لف لفه يبنون اعجاز القرآن فى قصصه
كما فى غيره على أمية محمد ، و هذا يناقض القرآن و التاريخ
معا .
أولا : قصص القرآن كان متداولا بين العرب قبل القرآن
يقول الاستاذ دروزة 1 : " عرف العرب الحجازيون
أهل الكتاب من يهود و نصارى ، فى بلاد الحجاز و الشام
، و احتكوا بهم . و أخذوا عنهم كثيرا من الأفكار و المعارف
. و منهم من دان باليهودية و النصرانية ، و تضلع باللغة
العبرانية ، و اطلع على ما عند اليهود و النصارى من كتب
. و قد عرفوا كذلك ما كان عليه أهل الكتاب من خلاف و شقاق
فى الأمور الدينية و المذهبية . و كان لكل ذلك صدى و أثر
فى نفوسهم و أذهانهم ، على ما بسطناه فى كتابنا ( عصر
النبى و بيئته قبل البعثة ) . و قد كان فى مكة خاصة بعض
الجاليات الكتابية ، يرجع تاريخ سكناها الى ما قبل البعثة
، و شهدت أدوار الدعوة النبوية . و لم تكن بعزلة عنها
بطبيعة الحال " – فالمعارف الكتابية كانت شائعة بمكة
، و لا يصح ان يبقى محمد فى عزلة عنها ، أو غفلة .
ثانيا : اتصال العرب بأهل الكتاب
يقول دروزة أيضا 2 : " و لقد أثبتنا بالاستدلالات
القرآنية فى كتابنا ( عصر النبى و بيئته قبل البعثة )
أن أهل بيئة النبى صلعم كانوا على اتصال بالأمم الكتابية
و غير الكتابية ، عن طريق المستقرين منهم فى الحجاز ،
و عن طريق الرحلات المستمرة الى البلاد المجاورة . و أن
|