١٨ مقدمة الناشر

مخطوط طهران ، كتابخانه مركزي ، رقم 4901 دانشكاه (القرن 17ًً)

  ١٩

تصــــــدير

1 — يحيى بن عدي فيلسوف منسي

سألت مرة طلبة قسم الفلسفة واللاهوت ، في المعهد الإكليريكي بالمعادي : "ماذا تعلمون عن يحيى بن عدي؟" ، فالتقطت على أوجههم علامات الدهشة والاستغراب . ثم تجرأ أحدهم فقال : "هو مين يحيى ده؟"(1). وكررت التجربة في ما بعد عدة مرات ، في مصر ولبنان ، وفي عواصم أوروبا وجامعاتها ، فكان الجواب هو هو ، مع اختلاف اللهجات !

ثم فتحت "تاريخ الأدب العربي" للمستشرق كارل بروكلمن ، وهو "إنجيل" الباحثين في الآداب العربية ، وبحثت عما يقوله في يحيى بن عدي . فوجدت أربعة أسطر ، لا أكثر ... وفي باب المترجمين(2).

أما إذا أخذت "تاريخ الفلسفة الإسلامية" لمحمد شريف ، فلن تجد فيه سطرا واحدا عنه(3). وقد أعطاه الأستاذ ماجد فخري شيئا من حقه ، إذ درسه مع اثنين من تلامذته (أبي حيان التوحيدي ، وأبي علي أحمد مسكويه) في فصل عن الفلسفة في القرن العاشر الميلادي(4).

فهل يستحق يحيى هذا النسيان ؟ وهو الذي قال عنه معاصره أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي ، في كلامه عن الفارابي ("المعلم الثاني"!): "ولا أعلم في هذا الوقت


1)  أي : "من هو يحيى هذا ؟ " باللهجة المصرية .
2)  راجع Carl BROCKELMANN, Geschichte der arabischen Litteratur, Bd.1 (Weimar, 1898)   ص 207. وفي الملحق الأول ( ليدن 1937) ص 370 ذكر بعض مؤلفات يحيى ( رغم ظهور كتابين لأغسطين  PERIER  وكتاب لجورج GRAF) ، بين المترجمين ، لا مع الفلاسفة .
3)  راجع A History of Muslim philosophy, edited and introduced by M.M. SHARIF
(Wiesbaden: Otto Harrassowitz, 1963 and 1966)
ويلاحظ أن الكتاب يتألف من نحو 1800 صفحة كبيرة!
4)  راجع Majid FAKHRY. A History of Islamic Philosophy (New York & London, 1970)
  ص 28 – 29 – و31 (بصفته مترجما) ، وص 216 – 227 (بصفته فيلسوفا) .