٢٨ الفصل الأول

1 – "مقالة بينه وبين إبراهيم بن عدي الكاتب ، ومناقضته17 في أن الجسم جوهر وعرض .
2 – مقالة في جواب إبراهيم بن عدي الكاتب" 18.

وهذا يدل على أن الدراسات النظرية ، ولا سيم الفلسفية منها ، كانت راسخة في عائلة يحيى بن عدي .

2 – يحيى طالب في بغداد

ثم أتى أبو زكريا إلى بغداد ، لمتابعة دراساته . وقد يكون ذلك نحو سنة 910 – 915 م. فقرأ على أشهر فلاسفة عصره ، لا سيما أبي بشر متى وأبي نصر الفارابي .

أ - أبو بشر متى بن يونس

أما أبو بشر متى بن يونس القنائي19 ، فقد ولد في دير قنى ، وتوفي ببغداد سنة 328ﻫ/940 م . وهو الذي نقل الكثير من تصانيف أرسطوطاليس ، وثامسطيوس ، والإسكندر الأفروديسي . وشرحها ، وعلى شروحه "يعول الناس في القراءة"20 ، إذ "إليه انتهت رئاسة المنطقيين في عصره"21 .

قال ابن خلكان ، في الكلام عن الفارابي : "ولما دخل بغداد ، كان بها أبو بشر متى ]بن[يونس الحكيم المشهور ، وهو شيخ كبير . وكان يقرأ الناس عليه في المنطق ، وله إذ ذاك صيت عظيم ، وشهرة وافية ، ويجتمع في حلقته كل يوم المئون من المشتغلين بالمنطق . وهو يقرأ كتاب أرسطاطاليس في المنطق ، ويملي على تلامذته شرحه . فكتب عنه ، في شرحه ، سبعين سفرا . ولم يكن في ذلك الوقت أحد مثله في فنه .

"وكان حسن العبارة في تآليفه ، لطيف الإشارة . وكان يستعمل في تصانيفه البسط والتذييل ، حتى قال بعض علماء هذا الفن : "ما أرى أبا نصر الفارابي أخذ طريق تفهيم المعاني الجزلة بالألفاظ السهلة إلا من أبي بشر" (يعني المذكور) . وكان أبو نصر يحضر حلقته ، في غمار تلامذته"22 .


17) في الطبعة : "ومناقضة" .
18) راجع القفطي ص 363/14 – 15 .
19) بخصوص أبي بشر متى بن يونس ، راجع : ابن النديم ص 368 - 369 ، والقفطي ص 323 (وقد نقله ابن العبري ص 285) ، وابن أبي أصيبعة ج 1 ص 235 . انظر جراف ج 2 ص 153- 154 .
20) راجع ابن النديم ص 369/2 .
21) راجع ابن النديم ص 368/19 .
22) راجع ابن خلكان 4 ص 239/10 – 17 (في رقم 677) .
حياة أبي زكريا يحيى بن عدي ٢٩

ب - أبو نصر محمد الفارابي

وأما أبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن طرخان الفارابي23 ، فبعد أن قرأ على أبي بشر في بغداد ، "ارتحل إلى مدينة حران ، وفيها يوحنا بن حيلان24 الحكيم النصراني25 ، فأخذ عنه طرفا من المنطق أيضا .

"ثم إنه قفل راجعا إلى بغداد . وقرأ بها علوم الفلسفة ، وتناول جميع كتب أرسطاطاليس . وتمهر في استخراج معانيها ، والوقوف على أغراضه فيها"26.

ولتفوقه في فهم معاني أرسطوطاليس ، لقب الفارابي ب "المعلم الثاني" (والمعلم الأول ما هو إلا أرسطوطاليس نفسه) . قال ابن خلكان : "وهو أكبر فلاسفة المسلمين"27 . وهو "فيلسوف المسلمين بالحقيقة" ، على رأي أبي القاسم صاعد القرطبي28 . وتوفي سنة 339ﻫ/950 م ، وهو في الثمانين من عمره تقريبا .

* * *

هذان هما معلما يحيى بن عدي . لقد قرأ على أبي بشر متى بن يونس أولا ، ثم قرأ على الفارابي ، عندما عاد إلى بغداد بعد إقامته في حران ، أي نحو سنة 925 – 930 م .


23) بخصوص الفارابي ، راجع هذه المراجع الأربعة ، حيث ذكرت عشرات المراجع :
• بروكلمن ج1 ص210 والملحق الأول ص375 – 377 .
• ريشر :
Nicholas RESCHER, Al-Fārābi, An annotated Bibliography (Pittsburgh 1962)
• ولزر :
Richard WALZER, Al-Fārābi, in Encyclopédie de l´ Islam, 2e éd., II (1965), p.797 a 800 a
Ja‘far Aghayani CHAVOOSHI, Al-Fārābi. An annotated Bibliography, Téhéran, 1355 A.H. šī‘ite (= A.D. 1976), 196 + 342 pages
24) طبع اسمه مرتين بالخاء المنقوطة (خيلان) . راجع ابن خلكان 4 ص 239/18 – 21 (في رقم 677) . وقد ذكر أيضا المسعودي ، في "التنبيه والإشراف" (طبعة M. Jan de GOEJE ليدن 1894 ، ص122) أن الفارابي قرأ على يوحنا بن حيلان (وكتبها بالحاء المهملة) .
25) بخصوص يوحنا بن حيلان ، راجع ابن أبي أصيبعة ج2 ص135 . توفي يوحنا في بغداد ، أيام المقتدر بالله (295 – 320ﻫ/908 – 932م) . وانظر مقال الأب الدكتور يوسف حبي "يوحنا بن حيلان معلم الفارابي في المنطق" ، في مجلة "بين النهرين" 3 (1975) ص125 – 159 (وفيها استطرادات عديدة عن الفارابي) .
26) راجع ابن خلكان 4 ص239/18 – 21 (في رقم 677) .
27) راجع ابن خلكان 4 ص 239/4 – 5 (في رقم 677) .
28) ذكره ابن خلكن 4 ص 240/5 – 6 (في رقم 677) .