لكن بما أن الاعجاز البيانى للخاصة من العرب الفصحاء
لا للعامة ، و لا لجميع الأجانب من الناس كلهم ، فقد أخذ
بعض أهل العصر ينكرون ضرورة المعجزة لصحة النبوة ، بخلاف
كتب الله كلها ، و بخلاف علماء المسلمين حتى عصرنا .
فالمعجزة هى دليل النبوة الأوحد .
فهل يشهد القرآن لمحمد بمعجزة ؟
و هل يعتبر القرآن اعجازه معجزة له ؟
ثالثا : مابين الاعجاز و المعجزة
فى كتابنا " نظم القرآن و الكتاب – الكتاب الأول
: اعجاز القرآن " درسنا واقع القرآن فى اعجازه .
و فى هذا " الكتاب الثانى : معجزة القرآن " ندرس
هل يصح اعجاز القرآن معجزة له ؟
لقد قسم اهل الاعجاز المعجزة غلى نوعين : حسية و عقلية
. المعجزة الحسية هى كل عمل الهى يفعله الله تعالى على
يد نبيه يشهد له بالنبوة ، و العقلية هى اعجاز القرآن
فى النظم و البيان . و قالوا : إن اعجاز القرآن فى النظم
و البيان معجزة عقلية تفوق جميع معجزات الانبياء السابقين
الحسية ، لذلك فنبؤة محمد تفوق جميع النبؤات .
1 – لكن الواقع القرآنى يشهد ، كما سنرى ، بوقف القرآن
السلبى من كل معجزة ! لذلك كل ما جاء في الحديث و السيرة
من معجزة حسية منسوبة إلى محمد ينقضها موقف القرآن السلبى
الصريح من كل معجزة له و لنبيه ، و كل ما رأوه من معجزات
فى " آياته المتشابهات " ينقضها صريح "
آياته المحكمات " .
2 – فليس من القرآن من معجزة حسية . و الواقع القرآنى
يشهد بإن محمدا لم يأتى بمعجزة : " لن نؤمن حتى نؤتى
مثل ما أوتى رسل الله " ( الانعام 124 ) ، "
فلياتنا بآية كما أرسل الأولون " ( الأنبياء 5 )
، " و أقسموا بالله جهد إيمانهم : لئن جائتهم آية
ليؤمنن بها " ( الأنعام 109 ) ، " و ما منع
الناس أن يؤمنوا ... الا أن تأتيهم سنة الأوليين "
( الكهف 55 ) . فالمعجزة هى سنة النبوة ، و القرآت يشهد
صراحة نحو خمس و عشرين مرة ، غير الشهادات |