فهذا السير بين الشك و اليقين غير مقبول . لكن نشهد
له انه أصاب الحق فى قصة " انشقاق القمر " من
انه " سيقع حين تقترب الساعة " ( ص 241 ) ،
و ان " الاسراء – على ما تشهد به الآية – لم يكن
للإعجاز و انما هو رحلة روحية الى بيت المقدس ، مجمع الأنبياء
، و أول قبلة للإسلام " ( ص 243 ) .
رابعا و أخيرا يصل الى معجزة اعجاز القرآن : "
الرسول و المعجزة الكبرى " ( ص 265 ) . فيقرر لها
الأساس القديم ، " و الدليل على أنه معجزة خارقة
للعادة تدل على ان موحيه هو الله وحده ، ليس من اختراع
البشر ، هو انه جاء على لسان أمى لم يتعلم الكتابة ، و
لم يمارس العلوم " ( 271 – 272 ) . و عن عناية المسلمين
بعلوم القرآن يشهد : " لهذا كان ذلك الاختلاف المتشعب
فى كل علم و فى كل فن من فنون العربية و علومها ... و
من هنا كان الاختلاف الذى لا يكاد يحصر ، و الذى لا نجد
له شبيها عند أمة من الأمم ، أو فى لغة من اللغات . و
حسبنا أن نشير الى الفقه و ما فى أحكامه من آراء ! و النحو
و ما فى مسائله من خلاف " ( ص 273 ) . فهل هذا كله
شاهد لمعجزة الاعجاز ؟
ثم يقول : " إن دلائل الاعجاز فى القرآن – مع أنها
تنتظم القرآن كله و تجرى فى كل آية من آياته – لا تكفى
وحدها فى حسن استقبال الناس لها ، و فى صدق نظرتهم اليها
، ووزنها بميزان الحق و الانصاف " ( ص 277 ) . فهل
هذه الظاهرة تجعل اعجاز القرآن معجزة للعالمين ؟
و فى مقابلة معجزات الرسل بإعجاز القرآن يقول : "
إن الاعجاز القرآنى يخاطب العقل و يناجى الوجدان . على
حين ان الاعجاز فى معجزات الرسل إنما يجابه الحواس و يصادم
ناموس الطبيعة القائم فى الناس ، فيحدث فى الحياة زلزلة
عنيفة تنبه الغافلين و توقظ النيام . لهذا كان الاعجاز
القرآنى فى حاجة ملزمة الى قوة تظاهره و تفتح له القلوب
و توجه اليه العقول و تقيم له فى الحياة مكانا راسخا و
تجعل له فى الناس قدما ثابتة . و هذه القوة التى يحتاج
الاعجاز القرآنى الى مظاهرتها ينبغى أن تكون هى ذاتها
معجزة ... فكان هو صلعم عنوان هذا الكتاب الكريم "
( ص 279 ) . فحاجة القرآن الملزمة الى معجزة شخصية تظاهره
هى البرهان على ان اعجاز القرآن ليس بمعجزة فى ذاته .
و سنرى المعجزة الشخصية فى فصل آخر . |