٦٠ عقيدة الثالوث القويمة

بل إن الإسلام نفسه ينسبها إلى الخالق فلا حرج علينا إذا قلنا أن الخطية تؤثر في الله (والقرآن نفسه ينسب إليه تعالى الانفعال بالغضب) إلا أن السؤال الأهم هو كيف يحدث ذلك التأثير ؟ الجواب :- بكل طريقة يصح إسنادها إلى كائن أدبي في حد ذاته ذي علاقات أدبية متبادلة مع خليقة يديه . فقد جاء في التوراة أن الله يتأثر من سلوك بنيه فيظهر الغضب أو المحبة أو الرحمة أو الحزن وهلم جرا . ولكن المسلم ينكر ذلك مع أنه ينسب الغضب إلى الله تعالى . وإذا لم يبق لديه ما يحتج به قال أن نفس الغضب هو من مظاهر النقمة المبنية على الإرادة المجردة .

عود ـ إن الفلسفة والوحي يعلماننا بأن الله يظهر الغضب والرأفة والمحبة والحزن وغير ذلك بالنسبة إلى الإنسان الخاطئ . وإن جميع هذه الصفات مظاهر مختلفة لشئ واحد فغضب الله مثلا ليس كغضب المشترع على من يتعدى شريعته بل هو استياء أب بار أو كائن آخر طاهر كامل . فمثل الأول مثل أب أرضي قد جلب ابنه العار عليه بسوء سلوكه . ومثل الثاني مثل رجل تام الاستقامة يخدعه صديقه . أو مثل امرأة محصنة يكلمها رجل بذئ بأقوال بذيئة. أو ليس في ذلك نار غضب تخيف المذنب حتى لقد يتمنى

عقيدة الثالوث القويمة ٦١

لو تفتح الأرض فاها وتبتلعه أو لو تنقض عليه الجبال وتصرعه . وإذا كان غضب الإنسان ذا تأثير بهذا المقدار فكم يكون تأثير غضب الله ؟ على أن الغضب في جميع هذه الأحوال ليس إلا عاطفة أدبية أي أنه مظهر من مظاهر الكائن الأدبي وليس كغضب ملك جائر على رعيته أو قاض أو مشترع على من يتعدى القانون ولا هو شبيه بانتقام آلة من رجل قد أساء استعمالها ـ بل هو غضب كائن كامل في البر والقداسة . والمحبة إنما تزيد في هول ذلك الغضب . هذا هو تأويل غضب الله بكل مظاهره المذكورة في الكتاب المقدس بحسب إعلان المسيح ولا شك أن القوة التي سيستخدمها الله عند دينونة العالم لا تختلف في جوهرها عن القوة الأدبية المحضة المعطاة لكل رجل بار وامرأة مستقيمة .

وهذه الصفات تمكننا أن نلاحظ ظهورها في الإنسان على التتابع . فنرى الأم تظهر الغضب فالرأفة فالمحبة فالحزن إذا دفعها إلى ذلك سوء سلوك ابنها مثلا . ولكن إذا دققنا النظر في جميع هذه الأحوال نرى أن هذه الصفات مرتبطة بعضها ببعض . وإن هي ظهرت في الإنسان على التتابع . أما في الإله فإنها تظهر معا بحيث لا يمكن تصورها إلا مرتبطة بعضها ببعض . فالمحبة ليست سوى