- ١٠ -

" فى البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله هذا كان فى البدء عند الله. كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان فيه كانت الحيوة والحيوة كانت نور الناس ".

ذلك هو النص الواضح فعبثاً نحاول أن نسمى يسوع كلمة الله بدون ألوهيته لأن هذا اللقب يتضمن الألوهية ولا شك أن القرآن ينكر ألوهية المسيح ولكن ليس غرضنا هنا أن نشير إلى التناقض والتباين الظاهرين فى القرآن فلذلك لا نهتم بإنكاره ولكن نقتبس قول عبد القادر الجيلانى الصوفى الشهيرعن ما مرّ من الآيات القرآ نية ما معناه ( إن مظهر عيسى بالنسبة لباطنة هو بمثابة أحدية جمع الحضرة الإلهية فلذلك سُمى روح الله ). وعليه فالمسيح هو من الروح الكامل الذى هو إعلان اسم الله التام ( أو كل صفاته ) ومع هذا فإننا لا نتخذ هذا القول ولا الآيتين القرآنيتين السابقتين ذريعة نتذرع بها للبرهان على ألوهية المسيح فإننا لم نبدأ بعد فى التكلم عن ألوهيته وسيجىء الكلام عن ذلك مفصلاً فى الفصل الأول من هذا الكتاب وهذا ليس إلا مقدمة له.

لا يوجد فى القرآن ولا فى الحديث ولا فى كتب الأئمة شىء له أدنى قيمة لإثبات ما يلزم إثباته. بل فى الوحي أي فى الكتاب المقدس

- ١١ -

نجد هذا التعليم الحيوي المهم مبرهناً بأقوى البراهين وبأدلة تامة لإقناع كل مؤمن بالمسيح. وسنكشف عنه الغطاء بنعمة الله ومساعدة روحه. وحيث أن عقيدة المسيحيين المختصة بالثالوث الأقدس مرتبطة تمام الارتباط بألوهية المسيح ربنا عزمنا بمساعدة الرب أن نوضح ما يعلمنا إياه الكتاب المقدس عن ذلك. ولكى نتثبت من هذا التعليم لا نأتى بأدلة فلسفية عقلية بل نقول ما أعلنه الله لنا فى كتابه العهد القديم والعهد الجديد. أما إذا أشرنا إلى آراء الفلاسفة أو أمثال الطبيعة والفسيولوجيا فليس لإثبات التعليم بل حباً فى محو التعصب ودحض الآراء الفاسدة التى تمنع الناس عن قبول ما أعلنه الله فى كتابه.

لأن ألوهية المسيح وعقيدة الثالوث الأقدس فى توحيد الذات الإلهية هي من أسرار الله ولا يمكن لبشر مهما كان له من الحول والقوة الفكرية أن يتوصل إلى إدراك تلك الأسرار الإلهية لإنها غير محدودة ويستحيل على المحدود إدراك غير المحدود فلا يمكن للعقل البشري أن يأتى ببراهين كافية تجعله قادراً على رفض أو قبول هذه الأسرار ولهذا قال علي بن أبي طالب ( من سأل عن التوحيد فهو جاهل ومن أجاب عنه فهو مشرك ) فهل يمكن للإنسان الضعيف العقل أن يدرك أسرار الله الغير المحدودة المختصة بذاته المقدسة وهل