- ١٦ -

بجهله. إن من لا يؤمن بشىء غير مدرك هو بالضرورة ينكر وجود الخالق لأن ذات الله ووجوده هما فوق إدراك العقل البشرى. كان يجب على ذلك الإنسان أن ينكر وجود نفسه أيضاً لأنه لم يفهم بعد ولن يفهم كيف أوجده الله فى رحم أمه وماهية روحه وكيف ارتبطت بجسده. على هذا المبدأ كان يجب عليه أن ينكر حقيقة ألوف الأشياء التى ينظرها بعينه كل لحظة وظاهرة أمامه ظهور الشمس فى رابعة النهار لأنه لا يدرك ذاتها أو قوتها الداخلية وفاعليتها الخارجية.

إن مثل المتكل على العقل دون الوحى مثل تلك الدجاجة التى صورها مصور واقفة وناظرة إلى ورائها حيث قشرة البيض التى خرجت منها حالاً لاصقة بها وهي تقول ( لا يمكننى أن أعتقد أنى خرجت من هذه القشرة ).

هل أمكن لأى إنسان عاقل أن يكتشف بقوة عقله كيف تصير الحبة الصغيرة شجرة كبيرة ومن هذه الشجرة يخرج ألوف من الحبوب ولها نفس قوة وفاعلية الحبة الأولى؟

بل من من الناس يمكنه أن يشرح أن نباتاً ينبت بتربة واحدة ويسقى من ماء واحد ويستنشق هواء واحداً وتطلع عليه شمس واحدة ينتج أثماراً متنوعة وألواناً مختلفة وخواصاً متباينة؟

- ١٧ -

بل كيف يمكن لعين الإنسان الصغيرة أن ترى حتى الأفق. نحن نعرف كيف تقع الأشباح الخارجية على شبكة العين فترسم صورة لها ولكننا لا نعرف كيف تنتقل تلك الصورة إلى المخ ألا أن يكون العصب العينى يعمل عمل سلك التلغراف. ولما يصل إلى المخ تأثير الشبح الخارجى كيف ينتقل من المادى إلى نفس الإنسان الغير مادية فيقول أنا نظرت كذا؟ هذا ما لم يمكن لأحد إلى اليوم أن يفسره. فهل يعتبر المسلم أو المسيحى الرجل عاقلاً إذا كان لا يعترف بوجود حاسة البصر فى الإنسان لأنه لا يمكنه أن يعللها.

كذلك الطعام الذى نأكله إن كان صحياً وكان جسمنا سليماً فلابد أن يكون هذا الطعام مقوياً لأجسامنا منعشاً لها معطياً كل عضو القوة التى يحتاجها.

والأطباء اليوم يفسرون عملية الهضم ويشرحونها شرحاً وافياً ولكنهم هل يجهلون أن عملية الهضم قد سارت سيرها الطبيعى قبل أن يعرفها أولئك الأطباء بألوف من السنين؟ ولكن ماذا تظن فى رجل يقول أنه لن يذوق لقمة قبل أن يفهم عملية الهضم تماماً!

قد حار العلماء قديماً مدة قرون طويلة فى الأرض والشمس والنجوم التى رغماً عن حجمها وثقلها الهائلين بقيت معلقة فى الفضاء