- ١٥٨ -

علنية وما لم تنسكب نعمة الله على الخطاة وما لم يتغيروا ويتطهروا بواسطة دم الحمل الذى ذبح منذ تأسيس العالم فسيهلكون هلاكاً أبدياً.

إن تعليم الثالوث لا يعلمنا فقط إن قداسة الله غير محدودة ولكنه يعلمنا أيضاً أن محبته ورحمته لا حد لهما ونؤمن أن الله لا يحب هلاك الإنسان بل يرغب فى خلاصه وسعادته الأبدية وهو يعمل دواماً كل ما هو صالح لأن صفاته الصلاح والرحمة والعدل ويحب أن يقود الجميع إلى السعادة والقداسة الأبدية الحقة. وأنه وإن كان عقل الإنسان وضميره يشهدان بعدل الله ورحمته ومحبته ولطفه وقد أعلنت صفاته الإلهية فى أعمال الطبيعة كتغيير الفصول مثلاً وغير ذلك إلا أننا نلاحظ فى هذا العالم أن الظلم يسود لوقت ما والشرير يعيش سعيداً مغبوطاً والصالح التقى يعيش فقيراً بائساً متألماً محتقراً ومن لا يعرف عن كتاب الله شيئاً وينظر إلى أحوال هذا العالم بمرأى العين فقط يشك فى عدل ورحمة الله بل كثيراً ما يقوده جهله إلى القول بعدم اهتمام الخالق بالإنسان سعد أم شقى وأن الله لا يفرق بين الصالح والطالح. ولكن إذ قد أعلن الله الرحوم نفسه بواسطة الكلمة الأبدية يسوع المسيح وبواسطة روحه القدوس مكلماً أنبياء ومظهراً لهم إرادته وأوامره مبيناً لنا نتائج الخطية المفزعة ناصحاً إيانا بالإبتعاد عن الشر

- ١٥٩ -

والتجلى بالبر يكون الله قد أظهر لنا رحمته وعدله فى الكتاب المقدس ومن تصفح هذا الكتاب وجد أن الله لا يقبل الخاطئ الشرير وإن كان لا يعاقبه فى هذا العالم الحاضر على شره الذى فعل فلابد أن يعاقبه فى العالم الآتى وفوق كل ذلك فقد أعلن الله محبته فى ابنه يسوع المسيح الذى صلب ومات أى البار لأجل الخاطئ ولو كان مخلصنا المسيح إنساناً مخلوقاً كباقى البشر لأظهرت آلامه وموته حسناته فقط وليس حسنات الله. وهنا كان يمكن أن يظن البعض سوءاً فى الله لأنه كيف يتألم ويموت على الصليب أشرف الناس وأحسنهم حباً فى خلاص كل المؤمنين به ولكن لا. فإن تعليم الثالوث يعلمنا " أن الله كان فى المسيح مصالحاً العالم لنفسه " فلم تقع الآلام على مخلوق برىء ولكنها وقعت على الله فى شخص كلمته الأبدية هذا سر عجيب عظيم فإنه قد يمكن للإنسان أن يضحى نفسه لأجل منفعة الآخرين ألا يكون ذلك بالأحرى فى الله ويكون هو مثال لهذه الصفات المقدسة. فتعليم الثالوث يعلمنا إمكانية ذلك والكتاب المقدس يعلمنا أنه مادام جميع البشر خطاة لا يمكنهم أن يتتطهروا من نجاسات قلوبهم وهم عاجزون عن أن يخلصوا أنفسهم من سلاسل الخطية التى هم مقيدون بها ولا من الهلاك الأبدى والتعاسة الأبدية ولو كان الله