- ١٦٤ -

المقدسة فكل من يرفضها فقد رفض المخلص الوحيد الذى هو الطريق الوحيد بين الله والناس ولا يمكنه أن يتأكد قداسة الله وعدله ومحبته الكاملة ولا يمكنه أن يحب الله بل يؤمن ويرتعب كالشياطين " والشياطين يؤمنون ويقشعرون " وهذا الارتعاب لا يعطيه السلام والراحة بل يجعله تعيساً بائساً فلا يشعر بقيمة الخلاص ولا يفرح بمعرفة الله و محبته ونور الرجوع عن الخطية وسعادة الولادة الثانية ولا بقبول الله له. فهو إما لا رجاء له مثقل بالمعاصى مهدد بالخوف من الموت وجهنم وإما يتوهم أنه رجل صالح يصوم ويحج ( يذهب إلى مكة ) ويعمل أعمالاً أخرى يظن فيها الكفاية وهى لا تطهر قلبه النجس وعلى مثل هذا الإنسان يصدق قول المسيح " فإن كان النور الذى فيك ظلاماً فالظلام كم يكون " ( متى 6 : 23 ) " ولا تريدون أن تأتوا إلى لتكون لكم حيوة " ( يوحنا 5 : 40 ).

(ثالثاً) - حيث أن بنى البشر خطاة فلا يقدر أحد ولو كان نبياً أن يخلص نفسه أو غيره من الخطية ومن فظائع نتائجها وحيث أن الخطية هى ابتعاد عن الله بل هى داء عضال فى الروح فالإنسان لا يقدر أبداً أن يصير سعيداً ما لم ينج من هذا الداء ويتحرر منه لأن قداسة الله وعدله لا يسمحان بقبول إنسان ملوث بالذنوب والمعاصى إذاً فالكفارة

- ١٦٥ -

ضرورية لكى تتم عدالة الله فى إعلان محبته ورحمته. وهذه الكفارة تلين القلوب الحجرية وتقود الخطاة إلى التوبة باتضاع وخضوع. هذه الكفارة يجب أن تتم بإنسان معصوم من الخطية طاهر كامل غير مفروض عليه خدمة الله حتى يتسنى له القيام بخدمة الآخرين وإداء الفرائض المطلوبة منهم ويعينهم فى سقطاتهم ونقائصهم وينيلهم أجراً واستحقاقاً لأن كل من هو خاضع تحت خدمة ما فعليه أن يقوم بتأديتها ولا يقدر أن يؤدى شيئاً مما على الآخرين. يجب أن يكون مخلص العالم شخصاً كاملاً فى الطهارة والعظمة كاملاً فى المجد لكى تناسب خدمته وطاعته وفضله وشفاعته عدالة الله وقداسته وتكون كفارته لخطايا العالم أجمع. يجب أن يكون المخلص الحقيقى والوسيط الواحد كاملاً بمعنى الكلمة وأن تكون ذاته إلهية. إن المسيح لو لم تكن له هذه الألوهية أى أنه كلمة الله أو ابن الله واحد مع أبيه فلا يمكن أن يكون المخلص والوسيط الحق ولو لم يكن الكلمة قد صار جسداً وحل بيننا ( يوحنا 1 : 14 ) ولو لم يكن عمل الكفارة لأجل خطايانا وأطاع حتى الموت موت الصليب ( فيلبى 2 : 8 ) فالا يمكن أن يكون لنا سعادة ولا خلاص نحن البشر. ولكن حيث أن المسيح المعصوم الكامل الذى له الذات الإلهية قد صار كفارة لأجل خطايا العالم فكل من يؤمن