٢٩٦  

خاتمة

معجزة " الحديد " هى الإعجاز فى الرسالة

آن لنا أن نتساءل : هل نجحت الرسالة المحمدية و ثبتت نبوتها بإعجاز القرآن أم بسيف الاسلام ؟

شهادة الواقع التاريخى ان الرسالة المحمدية فشلت بمكة " بالحكمة و الموعظة الحسنة " ، و نجحت فى المدينة بشريعة القتال و سيف الاسلام . و شهادة القرآن المدنى كله ان الدعوة المحمدية نجحت بالقتال و الفتح . بعد تحدى المشركين بمكة – فى فترة عابرة – بإعجاز القرآن ، نسخ هذا التحدى فى المدينة ، بالناسخ و المنسوخ فى أحكام ( البقرة 106 ) و بالمحكم و المتشابه فى أوصافه ( آل عمران 7 ) . و تحدى العالمين بمعجزة " الحديد " : " إنا أنزلنا الحديد ، فيه بأس شديد و منافع للناس ، و ليعلم الله من ينصره و رسله بالحق " ( الحديد 25 ) . فبدون السيف لا نصرة لله ، و لا نصر لرسوله ، ولا منافع لأتباعه ! فتحول الاسلام ، فى رسالة النبى العربى ، من دين السلام – كما يعنى اسمه – الى دين القتال : " كتب عليكم القتال و هو كره لكم " ( البقرة 216 ) . و صارت رسالة السلام رسالة الحرب ، و تحول " نبى المرحمة " الى " نبى الملحمة " : " محمد رسول الله ، و الذين معه ، أشداء على الكفار ، رحماء بينهم " ( الفتح 29 ) .

وشهادة القرآن فى ختام الرسالة و الدعوة أن الناس دخلوا فى الاسلام " بنصر الله و الفتح " : " اذا جاء نصر الله و الفتح ، و رأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا ، فسبح بحمد ربك ، و استغفره ، إنه كان توابا ( سورة النصر ) . و الأمر بالاستغفار ، بعد النصر و الفتح ، دليل على ان اسلوب الدعوة بالقوة مشبوه .

معجزة القرآن ٢٩٧

فنجاح الرسالة قام بسيف الإسلام، لا بإعجاز القرآن، و هذا بنص القرآن القاطع في آخر سورة نزلت منه. فلم يكن الإعجاز معجزة محمد والقرآن. فلم تنجح الدعوة القرآنية " بالحكمة والموعظة الحسنة "، كما هو سبيل الدعوة الدينية، بل " بالحديد الذي فيه بأس شديد و منافع للناس ". و لم تنجح بالمعجزة الحسية، بحسب " سُنة الأنبياء الأولين ". و لم تنجح بالمعجزة الشخصية. و لم تنجح بإعجاز القرآن، بل بشرعة القتال و سيف الاسلام.

فهل هذا هو الاعجاز في الرسالة، رسالة دين الله؟