٧٠  

الفصل الخامس

مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال

1 – الصفي بن العسال وإنتاجه

إن صفي الدولة أبا الفضائل ابن العسال من كبار آباء الكنيسة القبطية . عاش في القاهرة ، وسافر إلى الشام حيث كانت للأسرة دار ، وازدهر في الثلث الثاني من القرن الثالث عشر (نحو سنة 1236م) .

واشتهر الصفي ، شرقا وغربا ، بفضل مجموع القوانين الذي وضعه سنة 1236م ، وعرف باسمه : "المجموع الصفوي"1. كما برع في الدفاع عن الإيمان المسيحي ، فألف أربع مؤلفات قيمة في هذا المعنى ، طبع منها اثنان : "الصحائح في جواب النصائح" و "نهج السبيل في تخجيل محرفي الإنجيل" . وله أيضا مؤلفات لاهوتية وفلسفية ممتازة ، ومواعظ ، وكتب روحية2.

وكان للصفي قدرة غير عادية على "التركيب" (synthése) ، يستخلص في لحظة الأفكار الأساسية ، ويرتبها ترتيبا واضحا بينا . فاستخدم هذه الهبة في "اختصار" عشرات الكتب القديمة ، من فلسفة أو لاهوت ، وتعليم روحي أو أدبي .

ومما اختصره الصفي 41 مقالة أو قولا صغيرا ، من مقالات أو أقوال للشيخ أبي زكريا يحيى بن عدي . وجدير بالذكر أن 13 من هذه المقالات لم توجد حتى الآن في الأصل المطول ! فقد أنقذ هكذا من الضياع جزءا لا بأس به من فكر يحيى بن عدي .

وهذه المختصرات محصورة كلها في التأليف اللاهوتي ليحيى . فلم يختصر الصفي المؤلفات الفلسفية المحضة ، وإن كانت الفلسفة داخلة في جميع مؤلفات يحيى بن عدي .


1) ألف الصفي ابن العسال هذا المجموع سنة 1236م ، في دمشق . ثم اختصره وعدله سنة 1238م ، في القاهرة وأصبح النص الثاني أساس القانون الكنسي في الكنيستين القبطية والحبشية ، إذ قام أحد الأحباش بترجمته إلى اللغة الجعزية في القرن الرابع عشر . كما أصبح فيما بعد النواة الأساسية للقانون الكنسي الماروني . وترجم النص الحبشي إلى الإيطالية والإنجليزية في القرن العشرين .
2) راجع جراف ج 2 ص 387 – 403 ، لا سيما ص 396 – 397 (رقم 6) .
مختصر المقالة وملحقها ، للصفي بن العسال ٧١

أما النهج الذي اتبعه الصفي في اختصاره ، فهو النهج السائر عند المؤلفين العرب في العصور الوسطى . وهو أن يقتبس المختصر جملا وفقرات وعبارات من النص الأصلي ، دون أي تغيير فيها ، ويلخص أحيانا ، بكلمة أو عبارة ، ما تركه . أي أنه يكاد لا يضيف من عنده شيئا ، بل يستعمل قدر الاستطاعة لغة المؤلف الأصلية وأسلوبه . وسنرى فورا نموذجا يوضح كلامنا هذا .

2 – مخطوطات المختصر

إن جميع مختصرات الصفي لمقالات يحيى بن عدي موجودة في ثلاثة مخطوطات ، أحدها مستودع اليوم في مكتبتين مختلفتين :

(1) مكتبة الفاتيكان عربي 134 ؛
(2) مكتبة ميونيخ عربي 948 / الفاتيكان عربي 115 ؛
(3) مكتبة دير الشرفة للسريان الكاثوليك (في لبنان) عربي 5/4 .

وهذه المخطوطات الثلاثة لنساخ أقباط . ولما كان المخطوط الثالث لا يحتوي على "المقالة في التوحيد" ، أو على ملحقها ، تركناه ولم نصفه هنا . أما المخطوطان الآخران فهما منقولان بإتقان بالغ ، في القرن الثالث عشر الميلادي ، أي في عصر الصفي ابن العسال نفسه . بل إن المخطوط الثاني المنسوخ سنة 1260م ، أي قبل وفاة الصفي ابن العسال ، قد يكون راجعه مؤلفه بنفسه .

وإليك وصفا وجيزا للمخطوطين :

أ – مخطوط الفاتيكان عربي 134 .3

توجد المقالة في التوحيد وملحقها في ورقة 2 ﺠ - 10 ظ . وقد فقد هذا المخطوط الكراس الأول4 ، أي أكثر من نصف المقالة . فالنص يبتدئ فيه برقم 227 من طبعتنا . وهو


3) بخصوص هذا المخطوط ، راجع أنجلو ماي Angelo MAI, Scriptorum veterum nova collectio e vaticanis codicibus, t. 4, codices Arabici vel a Christianis scripti vel ad religionem christianam spectantes (Roma 1831), p. 259-260    (وجدير بالذكر أن واضع هذا الفهرس هو إسطفان عواد السمعاني ، العلامة الماروني ، كما جاء في ص من المقدمة) – وراجع أيضا  PERIER ص 20 – 21 .
4) قال
 PERIER (ص 20 في الحاشية) إن المخطوط فقد 10 ورقات . أما  ENDRESS (ص 72) ، فيقول إنه فقد ورقة واحدة . وفي الحقيقة ، إذا قارن النص المفقود بنظيره في مخطوط ميونيخ عربي 242م (= ورقة 55 ﺠ 1 إلى 59 ﺠ 17) يتضح أن مخطوط الفاتيكان فقد 8 ورقات ، لا أكثر ولا أقل ، إلا إذ سبقه فهرس للمخطوطات ، كما في مخطوط ميونيخ ، فيضاف إلى هذا العدد . ويلاحظ أيضا أن الورقة رقم 2 معكوسة ، إذ الظهر سبق الوجه . فيجب قراءة النص إذا هكذا : 2 ظ – 2 ﺠ - 3 ﺠ - 3 ظ – الخ .