١٢ عقيدة الثالوث القويمة

تتصف بأعظم تنوع يتناول ثلاثة "وجدانات" وهي الأقانيم الثلاثة في الثالوث المقدس إذ أننا لا يمكننا أن نتصور تنوعا أعظم من هذا ولا أن نكتفي بتنوع أقل منه . فبالتالي لا يمكننا أن نتصور وحدة أسمى من هذه . وهي الوحدة التي ننسبها إلى الإله الواحد الأحد المبارك .

(١) قد يعترض المسلم بقوله أنه لا يجب تشبيه الخالق بالمخلوق في أية حالة كانت . فإن من مميزات الإله أنه "مخالف" تعالى عن أن يشبه بخليقة يديه .

نقول أننا قد بحثنا في هذا الاعتراض بالاسهاب في كتابنا "التنزيه الإسلامي" حيث أثبتنا عقم هذا المذهب أي مذهب المخالفة الذي يجعل الله فكرا منفيا بحيث لا يمكن أن نقول عنه شيئا على الإطلاق . وفضلا عن ذلك فإن المسلم خير من المذهب الذي يذهبه . لأن الله بموجب ذلك المذهب ليس هذا ولا ذاك وأما المسلم فيقول أن الله كائن حي ذو علم وإرادة وهلم جرا فكأنهم بذلك يثبتون له أوجه شبه لا أوجه مخالفة مجردة . ولا فائدة من القول أن لا شبه بين علم الله وعلمنا لأن علمه تعالى يفوق كل علم سواه ولا يمكن أن يقاس . والحق أنه لو لم يكن هنالك شبه فلماذا يدعون العامين

عقيدة الثالوث القويمة ١٣

باسم واحد ؟ أليس الأصوب أن يتركوا المماحكة ويقولوا أن الله كائن علمه يفوق علمنا إلا أن هنالك أوجه شبه لأنه خلق الإنسان على صورته فيصح إطلاق اسم مشترك على بعض صفات الناس وصفاته تعالى دلالة على وجود تناسب . نعم إن الخوف يقتضي مزيد الحذر ولكن الديانة المسيحية لا تتجاوز الحدود . ففي الأمر الذي نحن بصدده يكون قولنا إننا لا يمكننا أن نكتفي بوحدة مجردة سدا لثغرة عقلية ضرورية بل أسمى وحدة هي ما بلغ التنوع فيها معظمه كما قلنا فأي كفر أو إلحاد في هذا ؟

(٢) قد يقول المعترض أن الإسلام يقول بتعدد الصفات كالرحمة والعدل وغيرهما من الصفات الداخلة في حيز الوحدة الإلهية ولكنه ينكر "تقنيم تلك الصفات" إنكارا باتا ولنا على هذا الاعتراض ملاحظات .

منها أن تعديد الصفات لا يسد الثغرة التي تكلمنا عنها لأنه عوضا عن أن يقرر أسمى تنوع ممكن تصوره يقرر أضعف تنوع يتصوره الفكر فالصفات في حد ذاتها ليست شيئا وهي فكر مجرد . فالرحمة والعدل وغيرهما من الصفات ليست إلا وجوها مختلفة للعمل الإلهي فيمكن زيادتها أو إنقاصها . وهذا يدلك على كون تعددها