١٠ عقيدة الثالوث القويمة

بدون الذهاب بحياتها أي بذاتيتها . (ثانيا) أن كلا منها يختلف عن الآخر كل الاختلاف بحيث أنه متفرد في ذاته . وهذان هما قوام الوحدة الحقيقية أي وجود الذاتية وعدم قبول التجزئة .

وهذا يصدق على الأجناس العليا من الأنواع الحية حيث نجد لتلك الأنواع شعورا أو وجدانا ـ نعني بتلك الأنواع المملكة الحيوانية . فنرى أن التنوع قليل جدا في الحيوانات السفلى وبالتالي وحدتها ضعيفة . فمن تلك الحيوانات ما يمكن تجزئته بدون قتله فيعيش كل من تلك الأجزاء مدة ، فوحدة تلك الحيوانات هي من النوع الأدنى لأن التنوع فيها قليل جدا . وكلما قل تنوع الوحدة قلت أهميتها وقيمة اضمحلالها .

وكلما صعدنا في سلم التنوع ارتقى الشعور فيتولد فيما بعد العقل وترى التنوع يزداد كثيرا جدا وتزداد معه حقيقة الوحدة الجوهرية وبالتالي يزداد أيضا تفردها وعدم إمكان تجزئتها ويقول علماء الحيوان أن أفراد تلك الأنواع تختلف في الذاتية عن بعضها كما تختلف أفراد النوع الإنساني تقريبا . سل مدير حديقة الحيوانات فيخبرك عن حقيقة هذا . يقول لك أن كل فرد هو فريد في ذاته . ثم إنه لا يخفى أن كل فرد يحتوي على تنوع سام في الوحدة (كما

عقيدة الثالوث القويمة ١١

عرفناها) وهذا التنوع هو داخلي . ويبلغ التنوع معظمه في الإنسان حتى يكاد يفوق حد التصور فهو إذا قريب من الكمال في الوحدة . والخلاصة :

إن قيمة الوحدة الحقيقية تزداد في المملكة الحية بالازدياد في التنوع الداخلي . فالإنسان هو وحده حقيقة أكثر من نبات اللفت مثلا وهو أسمى منه تنوعا أيضا .

وإذا كان ما تقدم ينطوي على مبدأ ما فلا بد أن ذلك المبدأ يساعدنا على البحث في موضوعنا . لأننا إذا عممناه إلى ذلك الكائن الذي فيه قد كملت الحياة والوجدان وهو متفرد مطلقا وغير قابل للتجزئة (وبالاختصار) يتمم جميع شروط الوحدة الكاملة (وذلك الكائن هو الله الواحد الأحد) أفليس من المنتظر أن يبلغ فيه التنوع الداخلي درجة تفوق حد التصور كما أن وحدته تفوق كل وحدة حقيقية كائنة ؟ قلنا إن تنوعه الداخلي يفوق حد التصور لأنه لا يدرك إدراكا جليا ولكن لا شك في كونه حقيقة ناصعة . وهذه صفة التنوع المرموز إليه في عقيدة الثالوث فهو لا يدرك ولكنه حقيقة لا ريب فيها .

فالوحدة العظمى المقدسة إذا من حيث هي العظمى يجب أن