الحـجّ إلى مكّـة :
استمر جدلى مع المسيحيين عدة سنوات، ثم خطر لى خاطر ألحّ علىّ.. أنْ
أحِجّ إلى مكة. فجهزت نفسى وسافرت إلى هناك. ومن مكة كتبتُ رسائلَ إلى
مولانا حسام الدين محرر مجلة "كشف الحقائق". وفى يوم الحج لبست ملابس
الأحرام وسرت نحو عرفات. وفى ذلك اليوم رأيتُ منظراً رائعاً.. رأيتُ
الفقراء والأغنياء، العال والدون، جميعاً يلبسون الزىّ الأبيض نفسه، وكأن
موتى القبور قد بُعثوا من قبورهم ليقدّموا حساباً عن عملهم. وسالتْ الدموع
من عينىّ. ولكن طرأ خاطر قوى على فكرى: لو أن الإسلام لم يكن الدين
الصحيح، فماذا تكون حالتى فى اليوم الآخر؟!.. فدعوت الله: "اللهم أرنى
الحق حقاً وارزقنى اتّباعه، وأرنى الباطل باطلاً وارزقنى اجتنابه. يا
مُثبت القلوب ثبت قلبى على الإسلام إن كان حقاً وصدقاً، ولا تُزلّ قدمى بعد
ثبوتها. وإن كان باطلاً فاصرفنى عنه. إلهى هذا قلبى بين يديك خالصاً لوجهك
الكريم، فوفقْه لما تحبّه وترضاه. إنك نعم المولى ونعم المجيب".
وبعد زيارة قصيرة للمدينة رجعت إلى بومباى. وأثناءَ غيابى توقفتْ "ندوة
المتكلمين". فأسستُ جماعة أخرى اختارونى رئيساً لها، كما اختاروا عبد
الرؤوف ليكون سكرتيراً فكنا نجتمع قريباً من منزله. ورتبنا أن ندعو
أسبوعياً شخصاً غيرَ مسلم ليخاطبنا ثم يجاوب واحد منا على ما أثاره الضيف
المسيحى. واعتاد رجل الدين المسيحى مونشى منصور مسيح أن يجىء إلينا بانتظام
.
|