ولم أجد فى دراستى للقرآن جديداً، لأنى درسته من قبل دراسة وافية، وعرفت
أن الحصول على الخلاص متوقف على العمل الصالح الذى يؤديه الإنسان. ووجدت
عدة آيات تعلن هذه الفكرة، أقتبس للقارئ أربع آيات منها:
"أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنّات المأوى نُزُلاً بما كانوا
يعملون. وأما الذين فسقوا فمأواهم النار. كلما أرادوا أن يخرجوا منها
أُعيدوا فيها، وقيل لهم: ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذّبون"
(السجدة٢٠،١٩).
"فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يَرَه، ومَنْ يعمل مثقال ذرّة شراً يَرَه"
(الزلزلة ٨،٧).
وعندما نلقى النظرة الأولى على هذه الأ يات نكتشف أنها جميلة ومشجعة،
ولكنها أثارت داخلى سؤالاً: هل يمكن أن يعمل الإنسان الخير دون الشر؟
وعندما فكرت فى شهوات الإنسان ورغباته اتضح لى أنه من المستحيل أن يعمل
الإنسان الخير وحده، ولا يمكن أن يكون عمله دائماً عملاً صالحاً فقط. ولقد
قال رجال الفلسفة العرب إن هناك أربع ملكات عقلية للإنسان وراء كل أفعاله،
ثلاث منها تقوم ضد صالح الإنسان الدينى، وواحدة فقط "هى القدرة الملائكية"
التى توجّه الإنسان نحو الله وتعاونه على طاعة أوامره. ولو أن تأثير هذه
مخفىّ عن عين الإنسان. أما الثلاثة الأخرى التى تقاوم اتجاه الإنسان إلى
الله فهى واضحة، ويسعد الإنسان بها. ولما كان الإنسان لا يرى إلا ما يطفو
على السطح، ولا يهتم إلا بالحاضر، ويوجّه انتباهه إلى الأمور الأرضية أكثر
من اهتمامه بالأمور الدينية، فقد كتب أحد المسلمين البارزين يقول: "إننى
واقع فى شَرَك أربعة أشياء تسبّب سيطرتُها علىّ كل بؤسى وآلامى، هى:
الشيطان والعالم والشهوة والجشع. فكيف أحرر نفسى منها، وكلها عدوّتى؟ إن
الشهوات الشريرة تدمّرنى وتلقينى فى ظلمة يأس من الحسّيَات والملذات".
|