١١ لمـاذا صـرتُ مَسيحيّـاً ؟

أما الملكات العقلية الثلاث السيئة فقد سيطرت على الملائكة وعلى آدم حتى وقتنا الحاضر كما ‏يقول الحديث التالى: "روى عن أبى هريرة قال محمد: لما خلق الله سبحانه وتعالى آدم مسح ‏ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عينى كل ‏إنسان وبيصاً من نور. ثم عرضهم على آدم، فقال آدم: أى رب، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. ‏فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه. فقال: يا رب، من هذا؟ قال داود. قال: كم جعلت ‏عمره؟ قال: ستين سنة. قال: يا رب زدْه من عمرى أربعين سنة. قال محمد: فلما انقضى عمر ‏آدم إلا أربعين جاءه ملك الموت، فقال آدم: أوَلم يَبْقَ من عمرى أربعون سنة؟ قال: أوَلم تعطها ‏ابنك داود؟ فجحد آدم فجحدت ذريته، ونسى آدم فأكل من الشجرة فنسيت ذريته" (أخرجه الترمذى ‏وغيره).‏

ومن هذا الحديث نرى بوضوح أن كل أبناء آدم خطاة، لأن خطية آدم دخلتهم جميعاً بمن فيهم ‏الأولياء والأتقياء. وهكذا اعترف آدم وحواء: "قالا: ربنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا ‏ولنكوننّ من الخاسرين" (الأعراف ٢٣). ويقول النبى إبراهيم: "ربنا أغفر لى ولوالدىّ وللمؤمنين ‏يوم يقوم الحساب" (إبراهيم٤١).‏

وعن أبى هريرة، قال: كان رسول الله (صلعم) يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة. فقلت: ‏بأبى أنت وأمى يا رسول الله! إسكاتك بين التكبير وبين القراءة ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد ‏بينى وبين خطاياى كما باعدتَ بين المشرق والمغرب. اللهم نقّنى من الخطايا كما ينقّى الثوب ‏الأبيض من الدنس. اللهم اغسل خطاياى بالماء والثلج والبرد" متفق عليه (مشكاة المصابيح تحقيق ‏الألبانى حديث ٨١٢).‏

لمـاذا صـرتُ مَسيحيّـاً ؟ ١٢

وعن أبى موسى الأشعرى، عن النبى صلعم: أنه كان يدعو بهذا الدعاء: "اللهم اغفر لى ‏خطيئتى، وجهلى، وإسرافى فى أمرى، وما أنت أعلم به منى. اللهم أغفر لى جدّى وهزلى، ‏وخطئى وعمدى، وكل ذلك عندى. اللهم أغفر لى ما قدمتُ وما أخرتُ، وما أسررتُ به وما ‏أعلنتُ، وما أنت أعلم به منى. أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شىء قدير". متفق عليه ‏‏(مشكاة المصابيح، تحقيق الألبانى حديث ٢٤٨٢).‏

ويقول القرآن عن خطية الإنسان: "إن الإنسان لربه لكنود، وإنه على ذلك لشهيد" ‏‏(العاديات٧،٦) ‏

وفى أثناء هذا البحث واجهتنى هذه الحقيقة العظيمة: إن النبى عيسى إنسان. ويعزو القرآن ‏الخطأ إلى كل الأنبياء، ولكنه لا يسجّل للمسيح خطأ واحداً. وسألتُ نفسى: لماذا؟.. واتجهت ‏بفكرى إلى الإنجيل فوجدت أمامى قول المسيح: "من منكم يبكتنى على خطية؟" (يوحنا ٨‏:٤٦) ويقول الإنجيل عن ‏المسيح: "لأنه جعل الذى لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن برّ الله فيه" (٢ كورنثوس ٥: ‏‏٢١). ويقول أيضاً: "ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثى لضعفاتنا، بل مُجرَّب فى كل شىء ‏مثلنا، بلا خطيّة" (عبرانيين ٤: ١٥). ويقول أيضاً: "الذى لم يفعل خطية، ولا وُجد فى فمه مكر" (بطرس ٢‏:٢٢). ويقول: "وتعلمون أن المسيح أظهر لكى يرفع خطايانا، وليس فيه خطيّة"‏‎ ‎‏(١يوحنا ‏‏٣: ٥).‏