٢٣ لمـاذا صـرتُ مَسيحيّـاً ؟

وأخيراً قلت لنفسى: "يا سلطان، عليك أن تذكر أنك ابن الساعة التى أنت فيها، وأن العالم كله ‏باطل فانٍ. وعندما ستموت لن ينفعك بلدك ولا ميراثك ولا عائلتك ولا أصحابك. فكل هؤلاء ‏ينتمون إلى العالم الحاضر، ولن يبقى معك شىء أو شخص تمضى به إلى ما وراء القبر إلا ‏إيمانك المبنى على أساس عمل المسيح. فلا يجب أن تترك الحياة الأبدية والسعادة الروحية من ‏أجل فترة انتقالية".‏

وعندما ركعت لأصلى قلت: يا مالك الملك، يا مبدع الخلق، إليك سلّمت وجهى، فتقبّل منى ‏واغفر لى وارحمنى. ربنا، إنك تعلم ما نخفى وما نعلن. ربنا لا تجعل الدنيا أكبر همى وغمى، ‏ولا تجعل فتنتى فى دينى.. أنت ملجئى وملاذى، بك أستعين وأستعيذ من كل ضعفٍ يحول بينى ‏وبين الإيمان بابنك الوحيد يسوع المسيح ربنا. يا من قلت، وقولك الحق "تعالوا إلىّ يا جميع ‏المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم" يا من وعدت ووعدك الصدق "اقرعوا يُـفتح لكم" إلهى ‏أدعوك وأنا موقن بأنك سميع مجيب الدعوات، فتقبل منى صلاتى مشفوعة بدم مخلصنا الحبيب".‏

وبعد أن انتهيت من الصلاة شعرت بالحاجة للنوم فنمت وقتاً قليلاً. وعندما استيقظت وجدت ‏السعادة والفرح يغمران قلبى، وزال كل أثر للقلق وعدم الارتياح. وعندما بدأت تباشير الصباح ‏أسرعت لأغتسل، وذهبت إلى بيت مونشى منصور مسيح، فوجدته مشغولاً علىّ. وكان قد جهّز ‏الشاى لنشربه معاً. فتحدثنا بعض الوقت، ثم صرفنا فرصة فى الصلاة، بعدها ذهبت إلى بيت ‏القس لاجيارد. واندهش القسيس من وصولنا مبكرين، فأوضح مونشى أننا نمزح. لكن عندما سمع ‏بما حدث فى الليلة السابقة احتضننى فوراً وقال: "كنت أعلم أنك تدرس الكتاب المقدس بحماس ‏ونشاط، ولا بد أنك ستصبح مسيحياً. فنشكر الله الذى أقنعك". ووعد أن يعمدنى بعد ثلاثة أيام. ‏وطلب منى أن أبقى مع مونشى.‏

لمـاذا صـرتُ مَسيحيّـاً ؟ ٢٤

وعندما جاء يوم الأحد امتلأت الكنيسة بالمسلمين، ولاحظ القس لاجيارد الخطر المحيط بى، ‏فقرر تأجيل المعمودية. وأخيراً بنعمة من الله عمدنى صباح يوم ٦ أغسطس ١٩٠٣م. فى كنيسة ‏القديس بولس فى بومباى. وبعد معموديتى سافرت إلى كانبور، فقد كان بقائى فى بومباى خطراً ‏على حياتى.‏

وجرى داخلى تغيير رائع عندما صرت مسيحياً. تغيّرت طريقة كلامى وأفعالى وكل أسلوب ‏حياتى حتى أننى عندما زرت بومباى بعد سنة من ذلك اندهش أصدقائى المسلمون مما جرى ‏معى. اندهشوا من رقّتى لأنهم كانوا يعلمون سرعة فقدان أعصابى.‏

قبل أن أصبح مسيحياً كنت أعرف أنّ الخطية معصية. لكن لم أكن أدرك (كما أدرك الآن) أثر ‏الخطية المدمر على الإنسان كله. ومع أنى لا زلت إنساناً ضعيفاً، مجرد حفنة تراب، إلا أنى ‏عندما أخطئ ينتابنى الأسى على ما أفعل، وأخرّ على وجهى أمام الله بدموع عينىّ تائباً طالباً ‏الغفران. أما أساس هذا الموقف من الخطية فهو معرفتى عن عمل المسيح الكفارى من أجل ‏خطيتى. إن التوبة وحدها لا تستطيع أن تزيح الخطية، بل يجب أن أتطهر بدم المخلص الكريم. ‏ولذلك ألاحظ أن عالمنا الذى يأخذ الخطية مأخذاً سهلاً يعرّض نفسه، ويقترب شيئاً فشيئاً من ‏الدمار.‏

ومع أن الشيطان يحاربنى بكل طاقته، إلا أنى لا أرتبك، لأنى أعلم أن المسيح قد سحق رأس ‏الشيطان، فلا يقدر أن يؤذى أو يغلب أتباع المسيح الأمناء. وإنى أدعو الرب مالك السموات ‏والأرض، وفاحص القلوب، أن يُرجع قلوب البعيدين إليه، وأن يريهم رعب اليوم الآخِر، ‏واحتياجهم العظيم للخلاص، فيُقبلوا إلى المسيح مخلصهم، القادر وحده أن يخلّص إلى التمام.‏