و بشرى للمحسنين " ( 10 – 12 ) . إن القرآن العربى
هو من عند الله لثلاثة أسباب : أولا " شهد شاهد من
بنى اسرائيل على مثله ": فمثل القرآن موجود عند النصارى
من بنى اسرائيل، لذلك فالتحدى " بمثل " القرآن
لا يقوم و لا يصح ، " فمثله " موجود فى عصر
النبى . ثانيا " من قبله كتاب موسى إماما "
فهو يتبع إمامه فى الهدى و البيان . ثالثا : " هذا
كتاب مصدق ، لسانا عربيا " فلا فرق بين الكتاب و
القرآن سوى اللسان العربى . فرسالة محمد ، بأمر ملاك الله
فى غار حراء ، تقوم على نقل " الكتاب و الحكمة ،
و التوراة و الانجيل " الى العرب ، " لسانا
عربيا " ، يشرع لهم دين موسى و عيسى بلا تفرقة ،
على طريقة " أولى العلم " ، النصارى من بنى
اسرائيل ، و زعيمهم قس مكة ، ورقة بن نوفل .
و هكذا انتهى العهد الثانى بمكة بلا معجزة ، و لا اعجاز
، فقد " شهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله "
. و هاجر محمد إلى الطائف شريدا طريدا . فرده أهلها من
عرب و يهود ، ردا غير جميل . فرجع الى مكة مستجيرا بأحد
زعمائها . و رجع الى دعوته .
فى سورة ( الكهف ) ، التاسعة و الستين ، ظلوا يطالبونه
، لصحة دعوته ، بمعجزة ، لأنها " سنة الأولين "
. يستفتح بتحذير النبى من اليأس : " قلعلك باخع (
مهلك ) نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث ، أسفا
" ( 6 ) ، و يحرضه على متابعة رسالته بالتضامن مع
الكتاب و اهله من أولى العلم المقسطين : " و اتل
ما أوحى إليك من كتاب ربك ، لا مبدل لكلماته " (
27 ) ، فالقرآن وحى من الكتاب المقدس ، لا مبدل لكلماته
فى تفصيله و تعريبه ، " و اصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم بالغداة و العشى يريدون وجهه " ( 28 ) فمحمد
أمة واحدة مع " النصارى " . ثم يستعرض فشل الدعوة
بسبب عجزه عن معجزة ، سنة الله فى النبوة : " و ما
منع الناس أن يؤمنوا ، إذ جاءهم الهدى ، و يستغفروا ربهم
، إلا أن تأتيهم سنة الأولين ، أو يأتيهم العذاب قبلا
" ( 55 ) . فالمعجزة حتى عند المشركين ، هى دليل
الله الأوحد على النبوة لأنها سنة الأنبياء كلهم قبل محمد
، و عجز محمد الدائم عن معجزة هو سبب امتناعهم عن الايمان
به و يدعونه . مع ذلك فهو يعلن إفلاسه عن معجزة تؤيده
: " قل : إنما أنا بشر مثلكم يوحى الى إنما إلهكم
اله واحد " ( 110 ) . فالقرآن دعوة كتابية "
نصرانية " ، لكنها بدون معجزة . هذا ما يظهر أيضا
من السورة التالية .
فى ( النحل ) ، السورة السبعين ، يجهر من جديد بانتمائه
الى الكتاب و أهله من " أولى العلم المسلمين "
. فى جدال المشركين يعلن : " فاسألوا أهل الذكر ،
إن كنتم لا تعلمون |