أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا : فأتونا بسلطان مبين
! قالت لهم رسلهم : إن نحن الا بشر مثلكم ، و لكن الله
يمن على من يشأ من عباده ، و ما كان لنا أن نأتيكم بسلطان
، الا باذن الله ، و على الله فليتوكل المؤمنون "
( 10 – 11 ) هذه حال محمد مع مشركى مكة ، فان الله لم
ياذن لعبده محمد بسلطان المعجزة المبين .
لذلك فى سورة الانبياء ، الثالثة و السبعين يتهمونه
بشتى التهم لأنه لم يأتهم بمعجزة كالانبياء الأولين :
" بل قالوا : اضغاث احلام ! بل افتراه ! بل هو شاعر
! فاليأتنا بآية كما أرسل الأولون " ( 5 ) . فلا
معجزة فى القرآن يكفيه أنه ينقل للعرب الذكر الذى فى الكتاب
و الحكمة و التوراة و الانجيل : " لقد أنزلنا إليكم
كتابا فيه ذكركم افلا تعقلون " ( 10 ) . و هذا الذكر
القرآنى من الذكر الكتابى : " هذا ذكر من معى و ذكر
من قبلى " ( 24 ) . فالكتاب هو القرآن و الذكر و
الفرقان للمتقين من العرب : " و لقد اتينا موسى و
هارون الفرقان ، و ضياء و ذكرا للمتقين " ( 48 )
. لذلك فأهل الكتاب و أهل القرآن الذين يؤمنون "
بالتى احصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا و جعلناها و ابنها
آية للعالمين " ( 91 ) هم " أمة واحدة "
( 92 ) . هذا هو الاعلان الاول عن وحدة الامة بين جماعة محمد و " النصارى " ، ووحدة الاسماء بين الكتابين كالذكر و
القرآن و الفرقان ، تعنى وحدة الدعوة . ووحدة الدعوة تعبيرا
و تفكيرا ووحدة الامة برهانا قاطع على أن الدعوة القرآنية
دعوة " نصرانية " .
و فى سورة ( المؤمنون ) الرابعة و السبعين يعود إلى
اعلان وحدة الامة بين جماعة محمد و النصارى من بنى اسرائيل
الذين يؤمنون معا بأن " ابن مريم و امه آية "
: " و ان هذه امتكم امة واحدة ، و انا ربكم فاتقون
" ( 52 ) . انهم امة واحدة ما بين الذين " تقطعوا
امرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون " ( 53
) . و سنعرف أن هذه " الامة الواحدة " هى " امة وسط" بين اليهودية
و المسيحية ، لأنها تقيم التوراة و الانجيل معا و لأنها
تدعو لدين موسى و عيسى دينا واحدا بلا تفرقة . فانكروا
رسولهم لأنه لم يأتهم بمعجزة تؤيد صحة رسالته و دعوته
( 69 ) حتى كاد يشك فى أمره .
ففى ( السجدة ) الخامسة و السبعين يردع القرآن محمدا عن الشك فى امره و فى " تفصيل الكتاب
" فى القرآن العربى : " و لقد اتينا موسى الكتاب : فلا تكن فى مرية من لقائه ! و جعلناه هدى
لبنى اسرائيل ، و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا " ( 23 – 24 ) . على |