محمد ألا يشك فى لقاء الكتاب بواسطة أثمته الذين بأمر
الله يهدونه اليه . و نعلم من المتواتر فى القرآن أن هؤلاء
الأثمة أساتذة النبى العربى هم " أولو العلم قائما
بالقسط " ، " الراسخون فى العلم " النصارى
من بنى اسرائيل . و هذا التصريح الضخم برهان قاطع على
تدريسهم الكتاب لمحمد و تفصيلهم له على طريقتهم "
النصرانية " و لو لم يتله فى الأصل بنفسه و لم يخطه
بيمينه ( العنكبوت 48 ) . فيتشدد محمد بهداية أثمته له
.
و فى ( الطور ) ، السادسة و السبعين ، يطمئن ، و يتحدى
المشركين بالقرىن الذى يتهمونه بافترائه : " أم يقولون
: تقوله ! بل لا يؤمنون ! – فليأتوا بحديث مثله ، إن كانوا
صادقين " ( 33 – 34 ) هذا التحدى موجه للمشركين ،
فقد " شهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله " (
الاحقاف 10 ) فليس التحدى باعجاز القرآن مطلقا . و قد
اخذ بالتراخى مع المشركين أنفسهم ، من " سورة مثله
" ( يونس 37 ) ، الى " عشر سور مثله "
( هود 13 ) ، الى " حديث مثله " ( الطور 34
) فليس اعجاز القرآن معجزة لأن عند النصارى من بنى اسرائيل
" مثله " ( الاحقاف 10 ) .
فى سورة ( الروم ) ، الرابعة و الثمانين ، يظهر القرآن أولا تضامنه مع المسيحية نفسها ،
كما ظهر تضامنه معها فى الهجرة الى الحبشة : " آلم . غلبت الروم فى أدنى الأرض ، و هم من بعد غلبهم
سيغلبون فى بضع سنين . لله الأمر من قبل و من بعد . و حينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء
و هو الرحيم العزيز " ( 1 – 5 ) . سورة ( الروم ) من آخر العهد بمكة أى من العام 622 م . و قد غزا
الفرس سوريا سنة 612، وفلسطين614 و مصر 618. وبدأ هرقل غزو الفرس بنصر ساحق عام 622 دام حتى 629 م.
فالروم من بعد غَلَبهم سيغلبون فى تاريخ نزول سورة ( الروم ) عام 622 م . و يتم النصر " فى
بضع سنين " عام 629 م كما يتضح من انتصارات الغزو لبلاد الفرس . فالآية القرآنية تاريخ لا نبوءة
لأن محمدا ، بنص القرآن القاطع ، " لا يعلم الغيب " ( الانعام 50 ) . و النبوءة الغيبية نوع من
المعجزة ، و لا معجزة فى القرآن ، بتصاريحه المتواترة ( الاسراء 59 ، الانعام 35 ) .
تضامن فى المصير مع المسيحية ، ووحدة مع " النصرانية
" . ففى سورة ( الروم ) أيضا يعطينا صفة الدين الذى
يدعو له : "فأقم وجهك للدين حنيفا ، فطرة الله التى
فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم
، و لكن أكثر الناس لا يعلمون " ( 30 ) ، |