منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله " ، فإن النصارى
و هم " الراسخون فى العلم يقولون : آمنا به ، كل
من عند ربنا " . هذا هو استشهاده المتواتر بهم على
صحة دعوته . و هكذا يبقى التصريح الضخم قائما : "
و ما يعلم تأويله إلا الله " . و سنرى أن متشابه
القرآن هو القرآن كله ما عدا آيات الاحكام ( الاتقان 2
: 2 ) . لذلك فليس اعجاز القرآن بمعجز و لا بمعجزة ، اذ
فهمه و تأويله من اختصاص الله وحده . و آية محمد على صحة
رسالته و دعوته تبقى النصر فى الحرب : " قد كان لكم
آية فى فئتين التقتا ، فئة تقاتل فى سبيل الله ، و أخرى
كافرة ، يرونهم مثيلهم رأى العين ، و الله يؤيد بنصره
من يشاء ، إن فى لعبرة لأولى الأبصار " ( 13 ) ،
" لقد نصركم الله ببدر و أنتم أذلة ، فاتقوا الله
لعلكم تشكرون " ( 123 ) . منذ نصر بدر ، صارت آية
النبى العربى تأييد الله له " بنصره " فى الجهاد
و القتال ، و توارى الحديث عن المعجزة و الاعجاز .
و فى سورة ( محمد ) ، السادسة ، نرى صدى هذه المعجزة
من نوع جديد فى ضمير المؤمنين : " و يقول الذين آمنوا
: لولا نزلت سورة ! فإذا أنزلت سورة محكمة ، و ذكر فيها
القتال ، رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون اليك نظر المغشى
عليه من الموت . فأولى لهم طاعة و قول معروف " (
20 – 21 ) . بسبب معجزة الجهاد كثر المنافقون فى المدينة
. و حصلت موجة من الارتداد عن الاسلام : " إن الذين
ارتدوا على أدرباهم ، من بعد ما تبين لهم الهدى ، الشيطان
سول لهم و أملى لهم " ( 25 ) ، " إن الذين كفروا
و صدوا عن سبيل الله و شاقوا الرسول ، من بعد ما تبين
لهم الهدى ، لن يضروا الله شيئا و سيحبط أعمالهم "
( 32 ) . و نلاحظ على قوله : " فإذا أنزلت سورة محكمة
" ( 20 ) الإقرار الضمنى بأن هناك سورا غير محكمة
، و غير معجزة ، كما ان " فيه آيات محكمات ، هن أم
الكتاب ، و أخر متشابهات " ( آل عمران 7 ) .
و فى ( البينة ) ، التاسعة ، نرى أن معجزة " الحديد
فيه بأس شديد و منافع للناس " لم يقبلها أيضا اليهود
و لا المشركون : " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب
( اليهود ) و المشركين منفكين حتى تأتيهم البينة "
( 1 ) . و البينة التى يطلبون هى " رسول من الله
يتلو صحفا مطهرة ، فيها كتب قيمة ! – و ما تفرق الذين
أوتوا الكتاب ( من اليهود ) إلا من بعد ما جاءتهم البينة
" ( 2 – 4 ) . إن الخلاف على نوع البينة : فاليهود
يرون فى الرسول الحق الموعود مطابقته للتوراة من دون الانجيل
، و القرآن يرى أنه أتى بالبينة ، و إن دعا إلى إقامة
|