" حتى اذا أراد أن يتبول أو يتغوط ، فلا يمكن
فى نظرهم أن يكون كالبشر ، بل لابد له من امتياز ، و إلا
فما معنى كونه سيد ولد آدم و لا فخر ! فالقاضى عياض تارة
يقول : إن الرسول كان اذا أراد قضاء حاجته فى الخلاء تجمعت
الحجارة و الأشجار لتستره ! و تارة يقول : إنه اذا أراد
أن يتغوط انشقت الأرض فابتلعت غائطه و بوله ، و فاحت لذلك
رائحة طيبة – لأن الأرض تبتلع ما يخرج من الأنبياء ، فلا
يرى منه شىء . ثم يواصل القاضى عياض هذا الهوس فيقول :
إن قوما من أهل العلم قالوا بطهارة هذين الحديثن منه صلعم
. و يدعى القاضى أن أم أيمن – و كانت تخدم رسول الله –
شربت من بوله ، فقال لها : لن تشتكى وجع بطنك أبدا ...
"
و ختم بقوله 1 : " و لسائل أن يتساءل : ألم
تحدث للرسول معجزات ؟
" و نحن نقول له : إن كتب الأحاديث ، و كتب السيرة
، قد استوعبت آلاف المعجزات . و منها ما بلغ الى درجة
التطرف الذى يفرض علينا الضحك . و حسبك أن تقرأ ( دلائل
النبوة ) للبيهقى ، و أبى نعيم ، و ( الشفاء ) للقاضى
عياض ، و شرح الزرقانى على ( المواهب ) . و الأحاديث المعتمدة
معدودة على الأصابع . و كلها أحادية لا تقطع بخبر . و
منها : نبع الماء ، و تكثير الطعام ...
" و الأحاديث التى وردت فيها أخبار الرسول عن الغيب
تتعارض مع صريح القرآن الذى يؤكد أن الغيب لا يعلمه إلا
الله وحده . و من هذه الأحاديث ، الأخبار عن عمار بأن
ستقتله الفئة الباغية ، و أن الحسن يصلح الله به بين فئتين
...
" فلا يمكن أن نقر بحال من الأحوال هذا السيل من المعجزات
التى نسبت إليه ، و التى لو وزعت علىالثلاثة و العشرين
عاما التى قضاها فى النبوة ، لأصبح واضحا أن هذه المدة
إنما ضاعت فى حدوث الخوارق المتواصلة ، دون أن يفرغ لنضال
فى مكة ، أو قتال و تشريع فى المدينة .
" و الذى يقرأ للقاضى عياض فى كتابه ( الشفاء )
، يصاب بدوار ، فهو ينسب الى الرسول معجزات متنوعة ، محاولا
أن يجعلها شاملة لكل معجزات الرسل قبله . حتى إحياء
|