و فى سورة ( الحج ) ، " الآيات البينات "
ليست المعجزات ، بلا آيات القرآن : " و كذلك أنزلناه
آيات بينات ، و إن الله يهدى من يريد " ( 16 ) ،
فلا يقبلونها كمعجزة : " و إذا تتلى عليهم آياتنا
بينات تعرف فى وجوه الذين كفروا المنكر " ( 72 )
، " سعوا فى آياتنا معاجزين " ( 51 ) ، لأنها
أقوال بيانية ، لا معجزات حسية يطلبونها منه فمثل الأنبياء
الأولين .
و ظل حتى النهاية لا يعطى فى " الآيات البينات
" سوى أقوال بيانية لا معجزات عملية كالأنبياء الأولين
: فالمشركون " اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا فصدوا
عن سبيله " ( التوبة 9 ) ، " و يحذر المنافقون
أن تنزل عليهم سورة تنبأهم بما فى قلوبهم ! – قل : استهزئوا
، إن الله مخرج ما تحذرون ، و لئن سألتهم ليقولن : إنا
كنا نخوض و نلعب ! – قل : أبالله و آياته و رسوله كنتم
تستهزئون " ؟ ( التوبة 64 – 65 ) .
و هكذا فأهل مكة و المدينة و العرب أجمعين لم يروا فى
" الآيات البينات " فى القرآن سوى أقوال خطابية
من سحر البيان ، لا أعمالا معجزة كالأنبياء الأولين .
و القرآن نفسه لا يعطى " آياته البينات "
كمعجزات حسية ، بل " تنزيل الكتاب " . لكن تواتر
المعانى الثلاثة فى تعبير " الآيات البينات "
هو الذى القى عليها شبهة المعجزات .
قبل سورة ( آل عمران ) قد يفهم التشابه فى التعبير القرآنى
. لكن بعد ان صرح أن فى القرآن آيات " متشابهات "
( آل عمران 7 ) ، ما كان له أن يبقى على التشابه فى معنى
" الآيات البينات " .
و هذا التشابه المتواتر فى القرآن كله لمعنى "
الآيات البينات " ، هو الذى جعل بعضهم يشتبه بين
المعجزة و بين الخطابة و البيان . لكن ، ليس فى "
الآيات البينات " التى ينسبها القرآن إلى نفسه أو
إلى نبيه ، من معجزات حسية كالأنبياء الأولين . إنما هى
أقوال فى الهدى و البيان . و ما كان لمحمد أن يأتيهم بمعجزة
كالأنبياء الأولين ، فإن المعجزات قد منعت عنه منعا مبدئيا
قاطعا ( الاسراء 59 ) . و قد أقر القرآن نفسه بتعجيز محمد
و عجزه عن كل معجزة ( الانعام 35 ) . |