العالم المضطرب : أى حجة أكبر من هذه على أن القرآن
وحى الهى ، و انه روح من عند الله " . و الثانية
: " هذه الروحانية اشتملت على العلوم الإلهية و أصول
العقائد الدينية و قوانين الفضائل و الآداب ، و قواعد
التشريع السياسى و المدنى و الاجتماعى و غيرها من الأصول
التى أتى بها القرآن ، و سبق بها كل الأوضاع البشرية التى
من نوعها و التى يؤلف مجموعها الصرح الأدبى الضخم لهذه
المدنية الحديثة ... كل هذا مشمول بالنص ، لا بالتأويل
، فى الأصول التى جاء بها القرآن فى القرن السابع الميلادى
" ( ص 42 ) .
هذا ما يسميه " روح القرآن " ( ص 42 ) . و
هو يستند إلى هذه الآية :" و كذلك أوحينا اليك روحا
من أمرنا : ما كنت تدرى ما الكتاب و لا الإيمان ، و لكن
جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا ، و انك لتهدى
( قراءة أخرى أصح : لتهدى ) الى صراط مستقيم " (
الشورى 52 ) . وفاته ان تعبير " روحا من أمرنا "
لا يعنى " روح القرآن " أو روحانيته ، بل ملاكا
من عالم الأمر أى مخلوقا ، جاءه و هو معتكف فى غار حراء
أمره ( الدخان 1 – 5 ) بالإيمان بالكتاب الذى جعله "
نورا نهدى به من نشاء من عبادنا " ، لذلك يأمره :
" قل : آمنت بما أنزل الله من كتاب " ( الشورى
15 ) . لاحظ القرينة " من أمرنا " و القرآن
غير مخلوق فى ملته و اعتقاده .
و السند الثانى للإعجاز فى العقيدة و الشريعة هو أيضا
أمية محمد : " فكيف يستطيع رجل أمى لم يقرأ و لم
يكتب ، و لا نشأ فى بلد علم و تشريع أن يأتى بمثل ما فى
القرآن منها تحقيقا و كمالا ، يؤيده بالحجج و البراهين
" ( ص 43 ) . و نعرف أن أمية محمد مبنية على تفسير
خاص لاصطلاح قرآنى متواتر . وفاته ان القرآن ينقض الاعجاز
فى العقيدة بقوله : " فبهادهم اقتده " ( الانعام
90 ) ، و هو فى الهدى مع الكتاب سواء : " قل : فأتوا
بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه ان كنتم صادقين
" ( القصص 49 ) . كما ينقض الاعجاز فى الشريعة بقوله
: " يريد الله ليبين لكم و يهديكم سنن الذين من قبلكم
" ( النساء 26 ) ، أى " الأنبياء فى التحليل
و التحريم فتتبعوهم " ( الجلالان ) .
و الاعجاز فى الشرائع و الاخلاق و الآداب لمن يغلب الروح
على الجسد ، و الآخرة على الدنيا ، و الدين على الدولة
، و الشريعة القرآنية دين و دولة ، دنيا و آخرة ، جسد
و روح ، كما يرى العقاد نفسه ، فقد جمع القرآن مادية التوراة
الى روحانية الانجيل فى " أمة وسط " . |