و بعد هل من تحد بإعجاز بمثله بعد قوله : " و
شهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله " ( الاحقاف 10
) .
فترى ان السيد طبارة فى هذا الفصل لم يأت بجديد ، بل
كرر ما رددته الأجيال من قبله . و علماء العصر المسلمون
لا يرون فيه معجزة .
أما الفصل الثانى ، " معجزات القرآن العلمية " فهو من حاجة المحتاجين إلى معجزة لإثبات النبوة . و القرآن
مثل الانجيل و التوراة كتاب هداية دينية ، لا كتاب علوم
كونية . مع ذلك فهو يقول فى مغالطات مكشوفة : " إن
القرآن لم تكن مهمته أن يتحدث الى عقول الناس عن مشكلات
الكون و حقائق الوجود العلمية ، و انما هو كتاب هداية
و إرشاد للناس فى حياتهم الدينية و الدنيوية . و لكن مع
ذلك لم تخل آياته من التعبيرات الدقيقة و لا من الإشارات
الخفية الى حقائق كثيرة من المسائل الطبيعية و الطبية
و الجغرافية ، مما يدل على اعجاز القرآن و كونه وحيا من
عند الله . و من الثابت تاريخيا أن محمدا صلعم ، فضلا
عن كونه أميا لا يقرأ و لا يكتب ، قد نشأ فى مكة حيث لم
تكن علوم و لا معارف و لا جامعات و لا مدارس تقرأ فيها
العلوم الكونية ، كما ان محمدا كان بعيدا عن ذلك المحيط
العلمى الذى كان موجودا فى الشام و الاسكندرية و أثينا
و رومية . و مع ذلك فإن النظريات العلمية التى أشار اليها
القرآن لم تكن معلومة فى ذلك العصر فى القرآن السابع الميلادى
، و لم يكتشف العلم أسرارها إلا منذ أمد قريب " (
ص 44 ) .
هذا هو الجديد الذى أتى به السيد طبارة ، مع من يحذو
حذوه : فى القرآن اعجاز علمى ، سبق العلم العصرى بنيف
و ثلاثة عشر قرنا . هذه معجزة ضخمة لو صحت . لكنها فى
ذاتها و فى ظروفها سراب بسراب . إن أساس هذا الاعجاز العلمى
واه جدا ، و هو يبنيه على ثلاث ركائز ضعيفة : أمية محمد
، نشأته فى مكة البعيدة عن مراكز العلم ، و عدم اتصال
محمد بتلك المراكز . وفاته أن قريش كانت سيدة التجارة
بين أطراف الجزيرة ، و أن محمدا كان شيخ تجارها فى تجارة
زوجه خديجة التى " كانت تجارتها تعدل تجارة قريش
كلها " ، و القرآن يعد رحلتى الشتاء و الصيف الى
اليمن و الشام من نعم الله عليهم ، و أن تجار قريش و سيدهم
محمدا كانوا على اتصال بمراكز العلم فى اليمن و دول الشمال
العربى حيث علم الروم و الفرس و الهنود يتسرب و يتفاعل
، و حيث كان محمد خصوصا يتصل بالاحبار |