هذه المجموعة الجديدة
يسعدني ويشرفني أن أقدم لكتاب صديقي العزيز ، الأب سمير
خليل اليسوعي ، عن يحيى بن عدي ، بكلمة مقتضبة أعرض فيها
على النخبة المثقفة من أبناء العروبة ومن المستشرقين ،
الغاية التي نتوخاها من نشر هذه المجموعة الجديدة ، وقد
أطلقنا عليها اسم "التراث العربي المسيحي" ،
والأساليب العلمية التي ننوي العمل بموجبها والسير عليها
.
قد يتساءل البعض من المستشرقين ، بل من العرب أنفسهم
: هل للمسيحيين العرب من إنتاج أدبي وعلمي مميز ، أم يجب
الأخذ بالقول المأثور : "أبت العربية أن تتنصر ..."
الواقع هو أن قبائل عربية برمتها ، في شبه الجزيرة العربية
وفي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ، كانت قد تنصرت
منذ ما قبل الاسلام ، كما أن الكتابة العربية بوجه التخصيص
مدينة في نشأتها للمسيحيين العرب .
وبعد الاسلام والفتح العربي ، تأقلمت الجماعات المسيحية
المختلفة في المشرق ، وحتى في الاندلس ، مع البيئة الثقافية
الجديدة ، فاستعربت بسرعة غريبة ، وأغنت الثقافة العربية
بما نقلته عن تراثها القديم : اليوناني منه والسرياني
والقبطي ، وحتى اللاتيني . ثم أقدم أبناؤها على التعمق
في ما نقلوه وعلى تطويره .
فالمسيحيون إذا ليسوا غرباء عن الثقافة العربية أو دخلاء
عليها ، بل هم ، إذا جاز هذا التعبير ، حجر زاويتها ،
وهمزة الوصل بينها وبين ثقافة العالم المشرقي القديم .
فقد اسهموا في نشأتها وتطويرها وانتشارها إسهاما لا ينكره
إلا الجاهل أو المغرض .
إن البعض من هؤلاء المؤلفين العرب المسيحيين معروف لدى
العرب والمستشرقين ، من مثل حنين بن اسحق (المتوفي سنة
873) ، وهو أكبر |