٧ لمـاذا صـرتُ مَسيحيّـاً ؟

الحـجّ إلى مكّـة :‏

استمر جدلى مع المسيحيين عدة سنوات، ثم خطر لى خاطر ألحّ علىّ.. أنْ أحِجّ إلى مكة. ‏فجهزت نفسى وسافرت إلى هناك. ومن مكة كتبتُ رسائلَ إلى مولانا حسام الدين محرر مجلة ‏‏"كشف الحقائق". وفى يوم الحج لبست ملابس الأحرام وسرت نحو عرفات. وفى ذلك اليوم رأيتُ ‏منظراً رائعاً.. رأيتُ الفقراء والأغنياء، العال والدون، جميعاً يلبسون الزىّ الأبيض نفسه، وكأن ‏موتى القبور قد بُعثوا من قبورهم ليقدّموا حساباً عن عملهم. وسالتْ الدموع من عينىّ. ولكن طرأ ‏خاطر قوى على فكرى: لو أن الإسلام لم يكن الدين الصحيح، فماذا تكون حالتى فى اليوم ‏الآخر؟!.. فدعوت الله: "اللهم أرنى الحق حقاً وارزقنى اتّباعه، وأرنى الباطل باطلاً وارزقنى ‏اجتنابه. يا مُثبت القلوب ثبت قلبى على الإسلام إن كان حقاً وصدقاً، ولا تُزلّ قدمى بعد ثبوتها. ‏وإن كان باطلاً فاصرفنى عنه. إلهى هذا قلبى بين يديك خالصاً لوجهك الكريم، فوفقْه لما تحبّه ‏وترضاه. إنك نعم المولى ونعم المجيب".‏

وبعد زيارة قصيرة للمدينة رجعت إلى بومباى. وأثناءَ غيابى توقفتْ "ندوة المتكلمين". فأسستُ ‏جماعة أخرى اختارونى رئيساً لها، كما اختاروا عبد الرؤوف ليكون سكرتيراً فكنا نجتمع قريباً ‏من منزله. ورتبنا أن ندعو أسبوعياً شخصاً غيرَ مسلم ليخاطبنا ثم يجاوب واحد منا على ما أثاره ‏الضيف المسيحى. واعتاد رجل الدين المسيحى مونشى منصور مسيح أن يجىء إلينا بانتظام .‏

لمـاذا صـرتُ مَسيحيّـاً ؟ ٨

موضـوع أساسى :‏

وذات يوم كلّمنا مونشى منصور مسيح عن أن الإسلام لا يقدم طريقاً للخلاص. وطلب أعضاء ‏جمعيتنا منى أن أردّ عليه، فحاولت بكل طاقتى أن أبرهن أن فى الإسلام طريقاً أكيداً للخلاص. ‏وفرح الحاضرون بكلامى، ولكننى علمت فى أعماقى أن ما قلته ليس مقنعاً. وأثناء حديثى كنت ‏أحس أن ما أقوله ضعيف بالرغم من أن صوتى كان أعلى من صوت مناظرى!.. غير أن صوت ‏مناظرى الرقيق كان يرنّ كالرعد فى أعماق نفسى بقوة غير عادية وانتهت المناقشة فى الحادية ‏عشرة قبل منتصف الليل. فعدت إلى بيتى أفكر فيما قاله مونشى منصور مسيح. وكلما فكرت ‏أدركت أن خلاص النفس من براثن الخطية هو أهم هدف لأى دين، بل هو الأساس الحقيقى ‏للدين، وبدونه لا يكون ديناً قيّماّ.‏

ولقد تذكرت أن كل الأديان تعلّم أن الإنسان ظلوم كفـّار، جاحد، نفسه أمّارة بالسوء. ولن تجد ‏إنساناً يعيش حياة طاهرة دون أن تلطخها الخطية، فالخطية هى الطبيعة الثانية للإنسان حتى أننا ‏نقول: إن الخطأ شيمة البشر. والسؤال الأساسى هو: كيف ننجو من عقوبة خطايانا؟!.. كيف نجد ‏خلاص نفوسنا؟.. ماذا يقول الإسلام لنا؟.. وما هى رسالة المسيحية فى هذا الموضوع؟.. ولقد ‏وجدت أن من واجبى الأول هو دراسة وبحث هذا الموضوع الهام وبكل أمانة ومن غير تحيّز. ‏فإذا وجدت أن الخلاص فى الإسلام شكرت الله على ذلك، وكم ستكون حالتى سعيدة! وإن لم أجد ‏الخلاص فى الإسلام، فعلىّ أن أفتش على خطة الله للخلاص الذى يمكن أن يشبع قلبى. وعندما ‏وصلت إلى هذا القرار ركعت على ركبتىّ فى دعاء إلى الله وانا أبكى قائلا: "لن أقرأ الكتاب ‏المقدس كما سبق لى أن قرأت، لكننى سأقرأه كخاطئ عاجز، يحاول أن يجد طريق الخلاص".‏