لقد تعهد أمر خلاصنا، ومات عنا موت الصليب، وعلى رأسه عجت ميازيب الغضب، وكأس حكمنا شرب، حتى لم يبق فيها ولا قطرة واحدة. واكتفى العدل وتمجد الله بالذبيحة الكفارية، وبذلك العمل الكامل. وكل مذنب يؤمن به قد برئ من الدينونة تماماً. لقد " أنقذ من الغضب الآتى، وأصبح بالإيمان ابنا لله " ( غلاطية ٣‏:٢٦ ) ولأنه من أولاد الله يرسل الله روحه القدوس ليسكن فى قلبه صارخاً أيها الآب ( غلاطية ٤‏:٦ ). ولاحظوا هذا: إننا لا نأخذ الروح القدس لنصير أبناء، بل " بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً يا أبا الآب ". وبذلك تصير أجسادنا هيكلاً للروح القدس ( ١ كورنثوس ٦‏:١٩ ). والروح القدس يسكن فينا ختماً ليوم فداء الأجساد ( أفسس ٤‏:٣٠ ، ورومية ٨‏:٢٣ ).

* * * * *

إن الروح القدس لا يفتقدنا لمجرد الزيارة العابرة بل يأتى إلى قلوبنا ساكناً مالكاً " ماكث معكم ويكون فيكم " هذا هو الوعد الصادق فى ( يوحنا ١٤‏:١٦ ). وما هو غرضه وعمله؟ ليشهد للمسيح. " هو يشهد لى " ( يوحنا ١٥‏:٢٦ ) و " ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم " ( يوحنا ١٦‏:١٤ ).

وإليكم قصة رجل خدم الرب أكثر من خمسين عاماً. تجدد هذا الرجل فى سنة ١٨١٣ وفى الكورة التى عاش فيها خدم الرب هذه السنين الطويلة قطع فيها حوالى 15 ألف ميل متجولاً ومع ذلك فهذا الخادم لم تزد أهليته للسماء قيد أنمله فى آخر حياته عما كانت عليه عندما قبل المسيح مخلصاً له. عاش هذا الرجل إلى سن الخامسة والسبعين اختبر خلالها

صعوبات وتجارب وتعلم خلالها الشىء الكثير عن نفسه وعن مخلصه، مالم يكن يعرفه فى بدء إيمانه. ولكن الدم وحده كان هو المؤهل الوحيد لحقه فى السماء. كان الدم مؤهله ومستنده فى بداية الطريق وكان هو وحده أيضاً مؤهله ومستنده فى نهايتها. أما نموه فى النعمة فى كل هذه المدة فكان يتوقف على درجة استعداده للسير فى شركة الروح القدس. فإن كنت لا تستطيع أن تضيف شيئاً إلى قيمة دم المسيح فكذلك لا نستطيع أن نضيف شيئاً إلى أهليته للسماء. وطبعاً لو قضى هذا الرجل كل حياته بعد الإيمان فى تصحيح أخطائه وتقويم سلوكه ما كانت له فرصة للنمو فى معرفة سيده. وأليس هذا للأسف هو الحال مع كثيرين، فأن سلوكنا يجعل الروح القدس حزيناً، فينشغل بتصحيح إعوجاجنا والتواء طرقنا بدلاً من أن تكون مسرته فى إظهار أمجاد المسيح. وبذلك لا نتعجب إذا توقفنا عن النمو.

إذن بينما ينبغى أن يتدرج المؤمن فى النمو فى النعمة لكن هذا النمو ليس هو الخلاص من الدينونة التى تستحقها خطايانا.

ومن الجدير بالملاحظة أن الرسول بطرس لا يحرضنا فقط على النمو بل يعرفنا أيضاً كيف ننمو. " كأطفال مولودين الآن اشتهوا اللبن العقلى العديم الغش لكى تنمو به " ( ١ بطرس ٢‏:٢ ). فها يسأل أحد عن كيف ننمو بالتغذى على لبن الكلمة؟ ذلك لأن الكلمة تتكلم عن المسيح " فتشوا الكتب . . . هى التى تشهد لى " ( يوحنا ٥‏:٣٩ ) وعلى ذلك فإن:

الروح القدس يشهد للمسيح
والكتب أيضاً تشهد للمسيح
٢٢     ٢٣