- ٣٨ -

إلا أن يعترف أن جوابه هذا كان حقاً بكل معنى الكلمة ويعتقد إخواننا المسلمون أن المسيح يقول الحق وهو يدعو نفسه الحق فى الإنجيل وأى رجل مهما كانت حالته لا يستطيع أن يكذب تحت هذه الإيمان والأقسام فضلاً عن ذلك فقد تأكد القوم الذين كانوا هناك عند محاكمة المسيح أن أقل كلمة تخرج من فيه يمكن تأويلها ولابد أن تقوده إلى الموت فكان الأجدر بالمسيح فى ذلك الوقت أن يعطى جواباً ملتبساً غامضاً ولأن ادعاءه لهذه المرتبة السامية بلا حق كان مما يوجب الحكم عليه ولكن من المؤكد أن جوابه كان عن روية وإمعان وعلى علم تام بأهميته وخطورته لنفسه ولتلاميذه ولليهود بل ولجميع الناس قاطبة الذين لأجلهم أتى المسيح ليخلصهم لا ليضلهم ويغويهم وعلى ذلك كان جواب المسيح لرئيس الكهنة " قال له يسوع أنت قلت وأيضاً أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة وآتياً على سحاب السماء " فكانت دعواه واضحة كالشمس فى رابعة النهار وكانت الكلمتان " أنت قلت " كافيتين للدلالة على صحة ما قال ولكن زاد المسيح عليهما لكى يمحى كل الشكوك ولكى يؤمن كل من سمعه أنه هو المسيا ابن الله المنتظر وبناء على هذا الكلام يقول الإنجيل " فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلاً قد جدف ما حاجتنا بعد إلى شهود

- ٣٩ -

ها قد سمعتم تجديفه ماذا ترون فأجابوا وقالوا أنه مستوجب الموت " ( متى 26 : 65 و66 ). إن عقاب التجديف فى التوراة حسب ناموس موسى هو الموت وكان فى الإمكان أن يعتبروا كلام المسيح تجديفاً إن لم تكن دعواه صحيحة وواضحة وصادقة.

(3) وصرح المسيح أيضاً أنه مظهر الله وأنه يعلنه تعالى للمؤمنين حتى يروا الله فى ذاته ويعرفوه المعرفة التامة لذلك قال المسيح لتلاميذه " لو كنتم قد عرفتمونى لعرفتم أبى أيضاً ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه " ( يوحنا 14 : 7 ) فلم يفهم كلامه فيلبس وقال يا سيد أرنا الآب وكفانا ولما كانت رغبة المسيح أن لا يشك أحد فى تعليمه الحقيقى أجاب " أنا معكم زماناً هذا مدته ولم تعرفنى يا فيلبس الذى رآنى فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىّ الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى لأن الآب الحال فىّ هو يعمل الأعمال صدقونى أنى أنا فى الآب والآب فىّ وإلا صدقونى لسبب الأعمال نفسها " ( يوحنا 14 : 9 – 11 ) وقد قال المسيح هذه الأقوال فى أوقات مختلفة وظروف متنوعة. قال يسوع " الذى يرانى يرى الذى أرسلنى " يوحنا 12 عدد 45 وقال لليهود إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بى ولكن إن كنت أعمل فإن لم