- ٤٦ -

1 : 17 ) فى هذه الآيات ليس المهم فقط ذلك الصوت الإلهى ولكن يوجد أمران مهمان جداً. أولهما هذه الكلمات " له اسمعوا " وهى تشير إلى الوعد المذكور فى التوراة أن نبياً كموسى يرسل ثم مع هذا الوعد الأمر القائل " له تسمعون " ( تثنية 18 : 15 ) ولذا يكون يسوع المسيح هوالنبي المذكور فى ذلك الوعد - أما الأمر الثانى فهو السحابة إذ هى السحابة بعينها التى رافقت بنى اسرائيل فى البحر الأحمر وفى البرية وهى علامة سكنى الله أو كما يقولون " سكينة الله " ومعناها حضور الله ووجوده وأى برهان أعظم من هذا على صحة قولنا بأن الرب يسوع المسيح هو ابن الله.

(5) ولكن توجد أيضاً آية أخرى وفيها صوت من السماء يبرهن على صحة دعوى المسيح أن الله آب له. قبل صلبه قال " الآن نفسى قد اضطربت وماذا أقول أيها الآب نجنى من هذه الساعة ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة. أيها الآب مجد اسمك " فجاء صوت من السماء مجدت وأمجد أيضاً " (يوحنا 12 : 27 و28 ).

ربما يقول البعض عندما يذكر المسيح بالتجلة والإكرام ربما يكون القصد من ذلك إكرامه من حيث أنه نبى عظيم وحتى عند

- ٤٧ -

قوله " أنا والآب واحد " ربما يشير بذلك إلى المحبة والوفاق بينه وبين الله كمؤمن حقيقى.

ولكن من تصفح الإنجيل بإمعان وروية رأى أن أقوالاً كهذه غير مطابقة أصلاً للآيات التى أوردناها من الإنجيل وقد تكلم يسوع المسيح عن نفسه أن له صفات إلهية تفرد بها كما بينا ذلك قبلاً فمما لا يحتاج إلى برهان أن الوحدة بين المسيح وأبيه السماوى ليست مجرد الوفاق والمحبة ولكنها اتحاد الذات والجوهر - فلو كانت ذات المسيح تختلف عن الذات الإلهية بأى وجه من الوجوه لما أمكنه أن يقول عن نفسه أنه تفرد بالصفات الإلهية حقاً وله المقدرة أنه يعطى حياة أبدية وأن يغفر الخطايا وأن يقيم الموتى وأن يعمل أعمالاً أخرى لا يقدر أحد أن يعملها إلا الله وحده جل وعلا. قال فى ( يوحنا 5 : 22 و23 ) " إن الآب قد أعطى كل الدينونة للإبن لكى يكرم الجميع الإبن كما يكرمون الآب من لا يكرم الإبن لا يكرم الآب الذى أرسله " فهذا الإكرام الذى يطلبه المسيح من شعبه هو اكرام حقيقى لا كالإكرام الذى يقدم إلى أحد عظماء الناس أو الأنبياء بل يطلب الإكرام اللائق لمقام الله الحى الأبدى - لما دعا توما المسيح إلهاً ورباً قبل المسيح هذين اللقبين ولم يكونا على سبيل الإكرام فقط لأن