- ٧٤ -

تثبت ألوهية المسيح بصريح العبارة. ونرجوهم أن يتأملوا فى قول الكتاب " الذى إذ كان فى صورة الله " أعنى أنه كان إلهاً تاماً وأيضاً " إذ وجد فى الهيئة كإنسان آخذاً صورة عبد " ومعنى ذلك أنه كان إنساناً بالمعنى الحقيقى وأيضاً قوله " معادلاً لله " أى هو والآب واحد وبعد ذلك يقول " أعطاه اسماً فوق كل اسم " ومعنى ذلك اسم الله الذى لا يشاركه فيه أحد وقد اعتبره اليهود قديماً اسماً مقدساً لا يتجاسر أحد على النطق به.

وعند قراءة العهد القديم باللغه العبرانية نجد أن كلمة " أدوناى " ومعناها ( الرب ) تستعمل بدلاً من النطق بلفظة " يهوه " اسم الله العلى القدير فقول الكتاب إذاً " أن يسوع المسيح هو رب " معناه أن يسوع المسيح هو صاحب ذلك الاسم العظيم أى أنه هو الله سبحانه وتعالى . ويعلمنا بولس الرسول فى رسائله أن الملائكة ورؤساء الملائكة والأنبياء والرسل وجميع الأموات والأحياء سيجثون للمسيح ويعترفون بإلوهيته حسب وعد الله أبيه. وقال فى ( رومية 1 : 2 – 4 ) أن موضوع بشارة الله هوس " ابنه الذى صار من نسل داود من جهة الجسد وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات يسوع المسيح ربنا " ويقول أيضاً " من جهة الجسد " فالمسيح اسرائيلى ويقول عنه

- ٧٥ -

أيضاً أنه الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد آمين " ( رومية 9 : 5 ) ويقول أيضاً أن الله الآب هو " الذى أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا الذى هو صورة الله غير المنظور و بكر كل خليقة فإنه فيه خلق الكل ما فى السماوات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين الكل به وله قد خلق الذى هو قبل كل شىء وفيه يقوم الكل . . . . لأنه فيه سرّ أن يحل كل الملء " ( كولوسى 1 : 13 – 17 و 19 ) وقول الرسول هنا " الذى هو صورة الله غير المنظور " مطابق تمام المطابقة لما قاله المسيح عن نفسه " الذى رآنى فقد رأى الآب " ( يوحنا 14 : 9 ) أو بمعنى آخر فهو مظهر الله الوحيد وقوله أنه ( بكر كل خليقة ) يعنى أنه " وارثاً لكل شىء " كابن الله الوحيد وكما قال أيضاً فى ( كولوسى 2 : 9 – 10 ) أن ملء اللاهوت حالُّ فيه وهو خالق جميع الأكوان " فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياُ . . . . الذى هو رأس كل رياسة وسلطان ".

إن الأصحاح الأول من الرسالة للعبرانيين يعلمنا هذه التعاليم بعينها وقد دون الكاتب بعض الآيات المذكورة فى العهد القديم مظهراً بذلك أن الأنبياء الذين عاشوا قبل المسيح بزمان بعيد شهدوا