- ٩٤ -

لإسرائيل لذلك جئت أعمد بالماء وشهد يوحنا قائلاً إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه وأنا لم أكن أعرفه لكن الذى أرسلنى لأعمد بالماء ذاك قال لى الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمد بالروح القدس وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله وفى الغد أيضاً كان يوحنا واقفاً هو واثنان من تلاميذه فنظر إلى يسوع ماشياً فقال هوذا حمل الله فسمعه التلميذان فتبعا يسوع " ( يوحنا 1 : 29 – 37 ).

كان هذان تلميذى يوحنا المعمدان وكان أحدهما البشير يوحنا الحبيب الذى كتب بواسطة إعلان الروح القدس كل ما سمعه بأذنه من يوحنا المعمدان. وهنا نتعلم مما ذكرناه أن الشخص الذى كان مزمعاً أن يعد الطريق أمامه قد سماه إشعياء يهوه أى الرب والله ( اقرأ إصحاح 40 : 3 ) وفى هذا تأييد لألوهية المسيح المنتظر الرب يسوع المسيح.

ولنرجع الآن إلى النبى ميخا الذى كان معاصراً للنبى إشعياء وقد ذكر ميخا اسم الموضع المزمع أن يولد فيه المسيح المنتظر وصرح بوجوده منذ الأزل كما قال " أما أنت يا بيت لحم إفراتة وأنت صغيرة أن تكونى بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لى الذى يكون متسلطاً على

- ٩٥ -

اسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل " ( ميخا 5 : 2 ) وقد فهم اليهود المعاصرون للمسيح أن هذه الآية تشير إلى مسيا المنتظر حقاً إذ لما تشاور هيرودس الملك مع الكهنة والكتبة وسألهم أين يولد المسيح أجابوه " فى بيت لحم اليهودية " وذكروا له هذه الآية إثباتاً لأقوالهم وأيضاً فى ترجوم يوناثان وكذلك فى التلمود الأورشليمى وفى تفاسير قمخى وتنخوم وأبانيل يقال أن المذكور فى هذا المقام هو الملك المسيح - وعدم قبول اليهود للمسيح بصفته مسيا الحقيقى لا يؤثر أبداً فى تفسيرهم لهذه الآية وقد بين ميخا فى نبواته عن المسيح " أن مخارجه(1) منذ القديم منذ أيام الأزل " وهذه الأقوال تؤيد صريحاً أن المسيح كان منذ الأزل وهذا إثبات صريح لذاته الإلهية لأن الله لا سواه هو الكائن منذ الأزل كما يقول صاحب المزامير " منذ الأزل إلى الأبد أنت الله " ( مزمور 90 : 2 ) وهذا ينطبق تماماً على ما فى " يوحنا 1 : 1 و2 ) " فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله هذا كان فى البدء عند الله " ويعلمنا النبى إرميا عن ألوهية المسيح بقوله " ها أيام تأتى يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك


(1) يليق بنا أن نلاحظ أن المصريين القدماء كانوا يستعملون لفظة " مخارجة " للدلالة على " أصله " أو " أوائله"