- ٩٨ -

يعرفنى وأنا أعرف الآب وأنا أضع نفسى عن الخراف . . . أبى الذى أعطانى إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبى، أنا والآب واحد . . . إن الآب فىّ وأنا فيه " ( يوحنا 10 : 11 و14 و29 و30 و38 ) ولو قارنا أقوال المسيح نفسه وبما كتبه النبى زكريا فى هذا الشأن لوجدنا المعنى ظاهراً واضحاً وأن العهدين القديم والجديد متفقان كل الإتفاق عن ألوهية كلمة الله.

نقرأ أيضاً فى آخر سفر من أسفار العهد القديم وهو نبوة ملاخى ما يأتى " هأنذا أرسل ملاكى فيهيئ الطريق أمامى ويأتى بغتة إلى هيكله السيد الذى تطلبونه وملاك العهد الذى تسرون به هوذا يأتى قال رب الجنود " (ملاخى 3 : 1 ) ويقول ابن عزرا المفسراليهودى أن الرب يقصد بهذا الملاك ملاك العهد وإن ملاك العهد هو " مجد الرب الذى ظهر فى السحاب " ( خروج 16 : 10 ) وأن تلك السحابة هى " التى حلت على خيمة الإجتماع " ( خروج 40 : 34 ) والتى قادت بنى اسرائيل فى البحر الأحمر وفى البرية علامة على حضور الله معهم وقال ربى سليمان يرخى المشهور براشى أحد مفسرى اليهود أيضاً أن " السيد " معناه " إله القضاء " أما ربى داود قمخى فيقول أن " السيد "

- ٩٩ -

معناه " مسيا الملك " وهذه التفاسير كلها متفقة مع أقوال العهد الجديد كما سنرى الآن وتظهر صريحاً ألوهية المسيح.

قال المسيح لتلاميذه أن الجزء الأول من هذه الآية يشير إلى يوحنا المعمدان ( اقرأ متى 11 : 10 ، لوقا 7 : 27 ، مرقس 1 : 2 ) ولما امتلأ زكريا بالروح القدس تنبأ عن ابنه يوحنا فقال " وأنت أيها الصبى نبى العلى تدعى لأنك تتقدم أمام وجه الرب لتعد طرقه " ( لوقا 1 : 76 ) هذه الآية لا تبين فقط أن يوحنا المعمدان هو الملاك الذى تكلم عنه ملاخى ولكن تبين أيضاً أن الشخص الذى كان مزمعاً أن يهيئ الطريق أمامه هو الرب وهذه حقيقة ظاهرة لأن المتكلم هناك هو " رب الجنود " ويقول عن يوحنا المعمدان " فيهيئ الطريق أمامى " فمما لا يحتاج إلى بينة الآن أن الشخص الذى أعد يوحنا المعمدان الطريق أمامه هو الرب يسوع المسيح كلمة الله.

وإذ قد عرفنا شهادة التوراة والأنبياء يجب أن نقتبس بعض الآيات التى جاءت فى المزامير ولنكتف بثلاث منها ففى المزمور الثانى ( عدد 7 و8 و12 ) يقول " إنى أخبر من جهة قضاء الرب قال لى أنت ابنى أنا اليوم ولدتك اسألنى فأعطيك الأمم ميراثاً لك وأقاصى الأرض ملكاً لك . . . قبلوا الابن لئلا يغضب فتبيدوا من الطريق "