- ١٢٠ -

فيقولون أن روح الله هى لقب من ألقاب المسيح أما الروح القدس هو الملك جبريل ولكن أولئك الذين لهم معرفة بالكتاب المقدس يعرفون أن ذلك خطأ مبين فلم يذكر المسيح أبداً فى الكتاب المقدس أنه روح الله ولكن اللقبان " روح الله " و " الروح القدس " خاصان بالإقنوم الثالث. ولنذكر هنا بعض شواهد الكتاب إيماء لذلك ففى ( المزامير 51 : 11 ) مكتوب " لا تطرحنى من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منى " وفى ( أفسس 4 : 30 ) " لا تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء " ففى الآية الأولى يطلب داود من الله خلاصه من الخطية ونجاته منها بواسطة قوة الروح القدس وفى الآية الثانية يحذر الرسول المسيحيين أن لا يحزنوا روح القدس الذى به ختموا كورثة للخلاص وكلا الروحين فيهما القوة المقدسة ويستنتج من ذلك أن الروح القدس وروح الله واحد فى المعنى وفى الذات.

ويفهم مما ذكرناه من الآيات أن الآب والابن والروح القدس ليسوا ثلاثة أسماء للوحدة الإلهية بل للدلاله على وجوب التمييزبين كل أقنوم وآخر أعنى أن أقنوم الآب هو غير أقنوم الإبن وأقنوم الآب أو الإبن هو غير أقنوم الروح القدس. وفى الشواهد

- ١٢١ -

العديدة التى اقتبسناها من الكتاب تسمى الآب - الله - والإبن - الله - والروح القدس - الله – لأن الوحدة بين الثلاثة فى الجوهر لا تنفصم - فلم يقل المسيح قط أنه بدون الآب بل كان بالحرى يشير دائماً إلى وحدته مع الآب كما فى ( يوحنا 10 : 30 ) " أنا والآب واحد " وقال فى يوحنا 14 ِ: 11 " صدقونى أنى فى الآب والآب فىّ " وقال فى يوحنا 17 : 10 " وكل ما هو لى فهو لك وما هو لك فهو لى " وقد تكلم المسيح أيضاً عن الروح القدس فقال أنه مع الآب والإبن الكل واحد فى المشيئة والإرادة كما قال فى ( يوحنا 16 : 13 – 15 ) " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ذاك يمجدنى لأنه يأخذ مما لى ويخبركم كل ما للآب هو لى لهذا قلت أنه يأخذ مما لى ويخبركم بعد قليل لا تبصروننى ثم بعد قليل أيضاً تروننى لأنى ذاهب إلى الآب "(1).

وبسبب هذه الوحدة الأزلية لهذه الذات الإلهية دعى الروح


(1) أنظر كتاب ميزان الحق باب 3 فصل 2 لأجل شرح هذه الآيات الحقيقى لدحض الشبهات.