- ١٤٤ -

واعتباراتها التى لا تتناهى تعينات أبديتها لزم من ذلك أن يكون التعين القابل للكثرة ( التى هى صورة ظلالات الاعتبارات المندرجة فى الوحدة ) تعيناً ثانياً لها فذلك هو التعين الثانى لا محالة - فجميع الأسماء الإلهية المنتهى التأثير والفعال وجميع الشؤون والاعتبارات مندرجة فى الوحدة فجملة وحدانية(1) - فإنما تصير مفعولة متميزة فى هذا التعين الثانى الذى يسمى بالمرتبة الثانية وتسمى هذه المرتبة بمرتبة الألوهية وبالنفس الرحمانى وبعالم المعانى وبحضرة الارتسام وبحضرة العلم الأزلى وبالحضرة العمائية وبحقيقة الإنسانية الكمالية وبحضرة الإمكان - فكل ذلك إنماهذا التجلى حسب الاعتبارات الثابتة فيه مع توحد عينه.

وأما تسميته بالمرتبة الثانية فلكون صورة التعين الأول الذى هو مرتبته الذات الأقدس - وإنما تسميته بمرتبة الألوهية فذلك لما عرفته من كون التجلى الثانى الظاهرية وفيه هو أصل جميع الأسماء الإلهية التى جمعها الإسم الجامع وهو اسم الله تعالى ولهذا يسمى هذا التجلى الكائن فى هذه المرتبة باسم الله ولا إله إلا الله لرجوع جميع العابدين إلى هذه المرتبة المتجلى فيها وكونها مقصدهم الذى تسكن إليه نفوسهم وتطمئن بها قلوبهم " (انتهى )


(1) لعل مراده ( لو عرف كيفية تفهيم البسطاء مثلنا ) هو الكثرة فى الوحدة

- ١٤٥ -

وقد قال الجيلانى فى شرحه لجلشان الراز المحمودى " أصبح جوهر الأحدية فى حاجة إلى التعين الأول الذى هو الخليج الفاصل بين الوجوب والإمكان صارت الأحدية بمناسبة هذه الأحوال اسماء مقدسة لا شبيهة لها ( وهم يسمون التعين العقل والقلم والروح الأعظم ) وأما كثرة الأسماء فهو راجع لتعدد الصفات وقد ثبت مصدر كل الموجودات المنظورة والغير المنظورة ( التى سموها الوجودين ) فى صورة هذا التعين الأول بواسطة تفاوت وامتياز علم الله وفى هذا التجلى ظهرت النفس الرحيمة التى معناها ظهور الحقيقة فى صورة الموجودات وهذا التجلى نفسه سبب وجود جميع الكائنات والمرتبة الأولى التى قبلت هذه النعمة هى التعين الأول " وقد ذكر الشاعر جامى فى كتابه " تحفة الأحرار " ما يفيد هذا المعنى أيضاً.

ويمكننا هنا أن نذكر كثيراً من الأقوال المأخوذة من الكتب العربية والفارسية ولكن ظاهر مما جئنا به أن بعض عقلاء الإسلام وعلمائهم وائمتهم يسلمون بوجود تعدد فى وحدة الذات الإلهية وتتضح لنا أيضاً هذه النتيجة:

أولاً - إن المؤلفين المقتبس عنهم يميزون الذات الفائقة المطلقة