٨٦ معجزة القرآن
21
و أخبر عليه السلام أنه يقتل أبى بن خلف الجمحى ، فخدشه يوم أحد خدشا لطيفا ، فكانت منيته فيه .
22
و أطعم عليه السلام السم . فمات الذى أكله معه . و عاش هو صلعم بعده أربع سنين . و كلمه الذراع المسموم .
23
و أخبر عليه السلام يوم بدر بمصارع صناديد قريش . ووفقهم على مصارعهم رجلا رجلا . فلم يتعد واحد منهم ذلك الموضع .
24
و أنذر عليه السلام بأن طوائف من أمته يغزون فى البحر . فكان كذلك .
25
و زويت له الأرض فأرى مشارقها و مغاربها . و أخبر بأن ملك أمته سيبلغ ما زوى له منها . فكان كذلك . فقد بلغ ملكهم من أول المشرق ، من بلاد الترك ، الى آخر المغرب من بحر الأندلس ، و بلاد البربر . و لم يتسعوا فى الجنوب ، و لا فى الشمال ، كما أخبر صلعم سواء بسواء .
26
و أخبر فاطمة ابنته رضى الله عنها بأنها أول أهله لحاقا به فكان كذلك .
27
و أخبر نساءه بأن أطوالهن يدا أسرعهن لحاقا به . فكانت زينب بنت جحش الأسدية أطولهن يدا بالصدقة لحاقا به رضى الله عنها .
28
و مسح ضرع شاه حائل لا لبن لها . فدرت و كان ذلك سبب اسلام ابن مسعود رضى الله عنه . و فعل ذلك مرة اخرى فى خيمة أم معبد الخزاعية .
29
و ندرت عين بعض أصحابه فسقطت فردها عليه السلام بيده فكانت أصح عينيه و أحسنهما .
30
و تفل فى عين على رضى الله عنه ، و أهو أرمد ، يوم خيبر ، فصح من وقته و بعثه الراية .
31
و كانوا يسمعون تسبيح الطعام بين يديه صلعم .
32
و أصيبت رجل بعض أصحابه صلعم فمسحها بيده ، فبرأت من حينها .
33
و قل زاد جيش كان معه عليه السلام فدعا بجميع ما بقى ، فاجتمع شىء يسير جدا . فدعا فيه بالبركة . ثم أمرهم فأخذوا . فلم يبق وعاء بالعسكر ، إلا ملىء من ذلك .
معجزة القرآن ٨٧
34
و حكى الحكم بن العاص بن وائل مشيته عليه السلام مستهزئا . فقال صلعم كذلك فكن . فلم يزل يرتعش حتى مات .
35
و خطب عليه السلام امرأة . فقال له أبوها : ان بها برصا ، غمتناعا من خطبته واعتذارا . و لم يكن بها برص . فقال عليه السلام : فلتكن كذلك فبرصت . و هى أم شبيب بن البرصاء الشاعر .

إلى غير ذلك من آياته و معجزاته صلعم . و انما اقتصرنا على المستفيض .

و من يستريب من انخراق العادة على يده ، و يزعم أن آحاد هذه الوقائع لم تنقل تواترا ، بل المتواتر هو القرآن فقط ... و لكن مجموع الوقائع يورث علما ضروريا " .

هذا ما نقله الغزالى فى ( الاحياء ) بصفته زعيم المتكلمين . و قد أحسن اذ " اقتصر على المستفيض " . لكنه أورد مبدأ التواتر الذى لا يصح حديث بدونه . فكيف فاته أن لا يعمل به ، و هو يعلم " أن آحاد هذه الوقائع لم تنقل تواترا " ، و يعلم أيضا أن مجموع الوقائع من الآحاد لا يورث علما ضروريا . و فاته استطلاع الواقع القرآنى المشهود ففيه القول الفصل . و ما أشار اليه من القرآن سنفرز له بحثا خاصا .

ثانيا : موقف المعاصرين الصادقين

و أتى عصر العلم و النقد . و أخذ العلماء يجهرون بالحقيقة .

1
أوجز الاستاذ حسين هيكل 1 ، بعد بحث طويل : " لقد كان صلعم حريصا على أن يقدر المسلمون أنه بشر مثلهم يوحى إليه ، حتى كان لا يرضى أن تنسب إليه معجزة غير القرآن . و يصارح أصحابه بذلك ... و لم يرد فى كتاب الله ذكر لمعجزة أراد الله بها أن يؤمن الناس كافة ، على اختلاف عصورهم ، برسالة محمد ، إلا القرآن ... هذا مع أنه ذكر المعجزات التى جرت بإذن الله على أيدى من سبق محمدا من الرسل " .
2
و فصل الاستاذ عبد الله السمان 2 : " لقد أغرم كثير من المسلمين بأن يحوطوا شخصية الرسول بهالة كبرى من الخوارق ، منذ ان حملت به أمه الى أن لقى ربه . و بلغ الغلو

1 حياة محمد ، ص 44 – 55 .
2 محمد ، الرسول البشر ، ص 10 – 18 .