٨٨ معجزة القرآن

بهم درجة لا تطاق . و من المتأكد أنه ليس لهم سند من قرآن صريح أو حديث صحيح ... " .

1 – و قال : " ان الكثيرين حين يحاولون دراسة شخصية الرسول ، يعمدون الى كتب السيرة ليأخذوا جزافا بكل ما ورد فيها . و هذه الكتب على كثرتها لا يجوز أن تكون مرجعا أصيلا فى هذا الصدد ، لأنها كتبت فى عصور لم يكن النقد مباحا تماما فيها . و معظمها كان يدون لغاية تعبدية . و الخلافات الكثيرة فى رواياتها يحتم على الباحث أن يقف منها موقف الحذر و الحيطة .

" و قد استوعبت كتب السيرة سيلا من أنباء الخوارق و المعجزات ، التى تزيد و تنقص تبعا لاختلاف الأزمان التى دزنت فيها . فبينما نجد سيرة ابن هشام لا تعنى كثيرا بأنباء الخوارق و المعجزات ، نجد أن سيرة ابن أبى الفداء ، و ( الشفاء ) للقاضى عياض ، و غيرهما ، قد عنيت العناية الكبرى بها . و كتب السيرة مزدحمة بالرواة القصاصين الذين عرفوا بالصناعة القصصية فى ما يروون . و هؤلاء لا يتحرون الدقة فى سند الرواية أو متنها ، لأنهم يعنيهم – فحسب – صياغة الاسلوب و عنصر التشويق " .

2 – ثم قال : " و إذا تركنا السيرة الى كتب الحديث ألفينا أنفسنا إزاء مشكلة معقدة تجعل الباحث فى حيرة لا تنتهى و لا تقف عند حد ... و ظهر وضع آلاف الأحاديث و نسبتها الى النبى لتكون مؤيدا لحزب سياسى ، أو ناقضا لحزب آخر . و انتهز اليهود و الزنادقة فرصة هذه الخلافات التى تدثرت بالدماء فى معظم الأحايين ، و راحوا يختلقون الأحاديث ليهدموا بها الاسلام ، و يشغلوا العامة عن أصوله لتنصرف الى شكلياته . كما تطوع كثير من السذج و البسطاء فوضعوا أحاديث فى الترغيب و الترهيب ، ظنا منهم أن فى هذا خدمة للدين ، و لو عقلوا لأدركوا أنهم إنما أساؤوا إلى الدين أكبر إساءة ... " .

( مع هذه الاسباب الثلاثة لاختلاف الاحاديث ) لم يبدا التدوين إلا فى عهد المأمون . و ذلك بعد أن اختلط النقى بالدخيل ، و أصبح الحديث الصحيح فى الحديث الكذب كالشعرة البيضاء فى جلد الثور الأسود ، كما يقول الدراقطنى أحد جامعى الحديث المعروفين ... و حسبك أن تعلم أن البخارى ، و هو شيخهم ، قد وجد ان الاحاديث المتداولة تزيد على ستماية ألف حديث ، و لكنه لم يعتمد منها فى صحيحه إلا قرابة أربعة آلاف .

معجزة القرآن ٨٩

و لدينا نموذج حى بهذا الخلط فى الأحاديث النبوية ، و هو كتاب ( احياء علوم الدين ) للإمام الغزالى ، من علماء الثلث الأخير من القرن الخامس ، هذا الكتاب الضخم جمع بين دفتيه ألوف الأحاديث المنسوبة الى رسول الله . و جاء الحافظ العراقى ، فى أواخر القرن الثامن ، ليخرج أحاديث ( الاحياء ) و ليجد من بين كل عشرة أحاديث واحدا تقريبا يمكن الاعتماد عليه .

3 – ثم قال : " و بعض تفاسير القرآن نفسها محشو بآلاف الأحاديث المنسوبة الى الرسول ، دون أن يكلف أصحاب التفاسير أنفسهم مشقة توضيح درجتها من الصحة و الضعف .

" ... الذين يتشدقون بأحاديث دخيلة ، و يصرون على نسبتها الى رسول الله ، و لو قبلناها ، لكان معنى هذا أن محمدا نطق بما يفسد ذوق الحياة ، و يتنكر لسنتها ، و يهدم بمعول هذه الشريعة التى قامت أصولها على المنطق القوى السليم .

" ... و هؤلاء الحمقى يرضى عقولهم مثلا أن يكون محمد ولد مختونا مكحولا مطهرا . و أن أبواب الجنة فتحت و أبواب الجحيم أغلقت ساعة ميلاده . و أن ايوان كسرى تصدع ، و نيران فارس أخمدت ، و بحيرة طبرية غارت . و يرضيهم أن يكون الجذع فى المسجد قد حن اليه ، و أن الحصى سبح بين يديه . و أن غار ثور الذى لجأ إليه يوم هجرته قد خيم العنكبوت على بابه و باض الحمام ... دون ما نظر الى أن مثل هذه القضية ، إنما تحتاج إلى أخبار معتمدة . و ليس هناك آية قرآنية صريحة فى القضية ، و لا حديث واحد متواتر ...

" و ما دام هؤلاء يحرصون على أن يكون لمحمد امتياز فى كل شىء ، فلابد أن يكون له امتياز فى الجماع . و لذا كان من خصوصياته الزواج بأكثر من أربع نسوة ، دون سائر المسلمين ، حتى لقد مات عن تسع ، سأترك للقاضى عياض فى كتابه ( الشفاء ) يقول : و قد روينا عن أنس أنه – صلوات الله عليه – كان يدور على نسائه فى الساعة من الليل و النهار ، وهن إحدى عشرة ! قال أنس : و كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين رجلا . خرجه النسائى . و روى نحوه عن أبى رافع و عن طاووس : له عليه السلام قوة أربعين رجلا . و فى حديث أنس أنه عليه السلام قال : فضلت على الناس بأربع : السخاء و الشجاعة و كثرة الجماع و قوة البطش .