٩٨ معجزة القرآن
ما زاغ البصر و ما طغى
لقد رأى من آيات ربه الكبرى "
( النجم 13 – 18 )

و على هاتين الإشارتين لفقوا ، فى الحديث و السيرة و التفسير ، هذه القصة : " بينما أنا فى المسجد الحرام ، فى الحجر ، عند البيت ، بين النائم و اليقظان أتانى جبريل بالبراق – أو من الحرم و سماء المسجد الحرام لأنه كله مسجد ، أو لأنه محيط به ، لما روى أنه كان نائما فى بيت أم هانى بعد صلاة العشاء " ( البيضاوى ) . و هند هى بنت عمه أبى طالب . و البراق " دابة أبيض فوق الحمار و دون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه " ( الجلالان ) ، " و هى الدابة التى كانت تحمل عليها الأنبياء قبله " ( السيرة لبن هشام 2 : 38 ) – و الكتاب و أسفار الأنبياء تجهلها . " فقال جبريل : أيها النائم ، قم . فانحنت الدابة ، و لها أجنحة كأجنحة النسر ، أمام رسول الله ، فاعتلاها و انطلقت به انطلاق السهم ، فوق جبال مكة ، و رمال الصحراء ، متجهة الى الشمال " ( حسين هيكل ، حياة محمد ) . " فسار بى حتى أتيت بين المقدس فربطت الدابة بالحلقة التى تربط فيها الأنبياء " ( الجلالان ) . " و بيت المقدس مهبط الوحى ، و متعبد الأنبياء ، محفوف بالأنهار و الأشجار " 1 ( البيضاوى ) . فصلى النبى بين الأنبياء ابراهيم و موسى و عيسى . 2

ثم أوتى بالمعراج فارتكز الى صخرة يعقوب ، و عليه صعد محمد سراعا الى السماوات يقوده جبريل ، و له ستماية جناح . فاجتاز السماء الأولى ، و هى من فضة خالصة ، علقت اليها النجوم بسلاسل من ذهب ، و قد قام على كل منها ملاك يحرسها حتى لا تعرج الشياطين . الى علو عليها ، أو يستمع الجن الى اسرار السماء ( حسين هيكل : حياة محمد ) . فرأى فيها رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، فى أيديهم قطع من نار كالأنهار ، يقذفونها فى أفواههم فتخرج من أدبارهم ( سيرة ابن هشام ) . و رأى فى غيرها عزرائيل ، ملاك الموت ، بلغ من ضخامته ان كان ما بين مسيرة سبعين ألف يوم ! و كان يسجل فى كتاب ضخم أسماء من يولدون و من يموتون ! و رأى فى أخرى ملاكا ضخما نصفه من نار و نصفه من ثلج . و فى


1 يظهر أن الإمام البيضاوى يجهل بيت المقدس جهلا مطبقا . يؤكد ذلك من عاش فى المقدس زهرة شبابه ، يطوف بها مدة اثنتى عشرة سنة .
2 إن كانت تلك الصلاة رؤيا فليس الإسراء بمعجزة حسية ، و إن كانت حدثا واقعيا ، فكيف رجع أسياد الأنبياء الى حياة الدنيا ليصلوا مع النبى ؟
معجزة القرآن ٩٩

السماء السابعة رأى ملاكا أكبر من الأرض كلها ، له سبعون ألف رأس ، فى كل رأس سبعون ألف فم ، فى كل فم سبعون ألف لسان كل لسان ينطق بسبعين ألف لغة ، من كل لغة بسبعين ألف لهجة ، فسار النبى ما بين خلق و خلق ما مسيرته بتلك السرعة خمسماية عام ، حتى وصل الى حضرة القديم ، فكان ما بينه و بين العرش " قاب قوسين أو أدنى " . و ذلك عند " سدرة المنتهى ، فإذا أوراقها كآذان الفيلة ، و اذ ثمرها كالقلال . فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع يصفها من حسنها . قال : فأوحى الله إلى ما أوحى " ( الجلالان ) . هناك " رأى من آيات ربه الكبرى " – " فرأى من عجائب الملكوت رفرفا أخضر سد أفق السماء " . حينئذ مد العلى القدير يدا على صدر محمد ، و الأخرى على كتفه دليل الرضى و القبول . و فرض الله على أمته خمسين صلاة فى كل يوم و ليلة . و رجع بها محمد حتى لقى موسى ، فحذره موسى و قال : ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك . فأخذ محمد يطوف بين الله و موسى ، حتى خفف الله الفريضة الى خمس مرات فى اليوم . أخيرا نزل محمد على المعراج الى الأرض ، و امتطى البراق الى مكة . " رواه الشيخان . و روى الحاكم فى ( المستدرك ) عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلعم رأيت ربى عز و جل " ( الجلالان ) .

1 – تلك هى قصة الاسراء و المعراج فى الحديث و السيرة و التفسير . أصحيح ان النبى الصادق الأمين قد رواها ؟ ظاهرها يدل عليها : إنها من الاسرائيليات التى تزخر بها كتب اليهود المنحولة .

نعرف أن الملاك روح لا جسد له ، أو هو " من نار " كما يقول القرآن . فكيف يكون لعزرائيل رأس ، ما بين العينين فيه مسيرة سبعين ألف يوم ؟ و ما هذا الملاك الذى نصفه من نار و نصفه من ثلج ؟ و ذاك الملاك الذى هو أضخم من الأرض كلها ، و له سبعون ألف رأس ، فى كل رأس سبعون ألف فم ، فى كل فم سبعون ألف لسان ، و كل لسان ينطق بسبعين ألف لغة ، و من كل لغة بسبعين ألف لهجة ؟ ! و ما هو هذا البراق " الدابة فوق الحمار و دون البغل ، و له أجنحة كأجنحة النسر " ! و محمد يربط البراق " دابته بالحلقة التى كانت تربط بها الأنبياء " : و نعرف من التاريخ أنه لم يكن فى زمن محمد لا هيكل و لا حلقة ، بل أطلال على أطلال . و حديث الشيخين يضع عيسى فى السماء الثانية مع يحيى ابن خالته ، و يوسف فى الثالثة ، و ادريس فى الرابعة ، و هارون فى الخامسة ، و موسى فى السادسة و ابراهيم