٢٦٨ معجزة القرآن

محصوران فى ذرية ابراهيم من اسحاق و يعقوب ، فهم أهل الكتاب من دون العالمين ، و من دون ذرية ابراهيم من اسماعيل الذين يسميهم لذلك " الأميين " : " هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم " ( الجمعة 2 ) ، " و قل للذين أوتوا الكتاب و الأميين : أأسلمتم ؟ " ( آل عمران 20 ) ، و القرآن انما يسمى العرب " أميين " لأنهم ليسوا من أهل النبوة و الكتاب . فكيف يقول " بالنبى الأمى " من العرب ؟

و صريح آية العنكبوت : " ووهبنا له اسحاق و يعقوب ، و جعلنا فى ذريته النبوة و الكتاب " ( 27 ) يرفع ما تشابه فى تصميم آية الحديد : " و لقد أرسلنا نوحا و ابراهيم ، و جعلنا فى ذريتهما النبوة و الكتاب " ( 26 ) كما يتضح من قرائنها التالية : " فمنهم مهتد و كثير منهم فاسقون " ( 26 ) : فلا يقول ذلك عن جماعة محمد ذرية اسماعيل . و يؤيده ما يليه : " ثم قفينا على آثارهم برسلنا ، و قفينا بعيسى ابن مريم " ( 27 ) . فالنبوة و الكتاب فى ذرية ابراهيم الذين منهم الرسل و عيسى ابن مريم ، فهم أهل " الكتاب و الحكم و النبوة " ( آل عمران 79 ، الانعام 89 الجاثية 16 ) ، و على محمد نفسه أن " يقتدى بهداهم " ( الانعام 90 ) .

و ليس فى التوراة و الانجيل ذكر " للنبى الأمى " . و نبوءة التوراة " بالنبى مثل موسى " صريحة ، مهما حاولوا اسجلابها لتعنى محمدا : " يقيم لك الله الهك نبيا من وسطك ، من اخوتك ، مثلى ، له تسمعون " ( التثنية 18 : 15 ) . يقولون ان اخوة اسرائيل هم بنو اسماعيل . و لماذا ليسوا بنى مدين بن ابراهيم من قطورة ، زوجه الثانية ؟ و فاتهم التصريح : " من وسطك " و هو قرينة حاسمة على معنى " من اخوتك " . فالنبى الموعود هو من " وسط " بنى اسرائيل . و القرينة الثانية هى " يقيم لك " : فالنبى الموعود يقام لاسرائيل لا للعرب ، و القرآن " ذكر لك و لقومك " .

و المسيح فى الانجيل يطبق نبوءة موسى فى " النبى " الموعود على نفسه ، لا على غيره . ففى زمن المسيح كان اليهود ينتظرون رجوع " ايليا " . و ظهور " النبى " الموعود ، و ظهور المسيح ، كما يتضح من سؤال وفد مجلس السنهدرين ليوحنا المعمدان : " فلم تعمد ان كنت لست المسيح و لا ايليا و لا النبى " ( يوحنا 1 : 25 ) . و قد صرح المسيح ان إيليا رجع بشخص يوحنا المعمدان ( مرقس 9 : 13 ) . و قد صرح أيضا لوفد المعمدان انه هو نفسه

معجزة القرآن ٢٦٩

" النبى الموعود " ، بالمعجزات الموعودة التى تظهر على يده و قد أجراها أمام الوفد ( متى 11 : 2 – 6 ) . كما صرح للاحبار و العلماء فى هيكل أورشليم : " لو كنتم تصدقون موسى لصدقتمونى أنا أيضا ، لأنه كتب عنى " ( يوحنا 5 : 46 ) .

و هكذا فلا التوراة ، و لا الانجيل ، و لا القرآن نفسه تذكر " النبى الأمى " ، سوى القصة الدخيلة على حديث موسى فى سورة الاعراف ( 156 – 157 ) .

فلا يسعنا الاستناد الى قوله " النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة و الانجيل " لتأليف الكتب و الفصول فى استجلاب نصوص التوراة و الانجيل ، بدون منطق و لا موضوعية و لا فهم صحيح لنصوصها و قرائنها القريبة و البعيدة ، لتؤيد قهرا و زورا آية دخيلة على القرآن ، ضد معطيات التوراة و الانجيل و القرآن نفسه . و تعبير " النبى الأمى " متعارض فى نفسه : فاصطلاح " الأمى " يعنى انه من الأمميين الذين ليس لهم كتاب منزل ، و لا عندهم وحى و نبوءة ، فكيف يكون النبى " اميا " اى من الامم ، و كيف يكون " الأمى " نبيا ؟

2 – الرسول أحمد

" و اذا قال عيسى ابن مريم : يا بنى اسرائيل انى رسول الله اليكم ، مصدقا لما بين يدى من التوراة — و مبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد — فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين " ( الصف 6 ) .

نلاحظ أولا ان القرآن كله لا يذكر للمسيح نبوءة برسول يأتى من بعده . فهذا الجزء من الآية وحيد فريد فى القرآن كله . و من اسلوب القرآن التواتر فى أخباره .

ثانيا : فى حديث التقفية بالرسل بعضهم على بعض يختم دائما بالمسيح و لا يقفى عليه بأحد ، و ذلك فى المواطن الثلاثة الوحيدة :

1 ) " و لقد آتينا موسى الكتاب ، و قفينا من بعده و بالرسل ،و آتينا عيسى ابن مريم البينات و أيدناه بروح القدس : أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم ، و فريقا تقتلون " ( البقرة 87 ) . هذا كل تاريخ النبوة فى اسرائيل .