٢٧٢ معجزة القرآن

فالتعبير " خاتم النبيين " متشابه قراءة و معنى ، فلا يصلح ان تقوم عليه قضية و لا عقيدة .

و للتعبير ثلاثة معان : 1 ) خاتمة الأنبياء 2 ) خاتم ، يختمهم كآلة الختم اى يصدقهم 3 ) " فلا يكون له ابن رجل بعده يكون نبيا "

أما معنى : لا ابن له يخلفه نبيا ، فهو أقربها الى نص الآية : " ما كان محمد أب أحد من رجالكم " . و هذا يقضى على المعنيين الآخرين

و أما معنى " خاتمة الأنبياء " فلا أصل له فى القرآن كله .

و أما معنى " خاتم النبيين " اى " كآلة الختم " يصدقهم ، فهو المعنى المتواتر فى القرآن : " بل جاء بالحق و صدق المرسلين " ( الصافات 37 ) ، " و لكن تصديق الذى بين يديه و تفصيل الكتاب " ( يونس 37 قابل يوسف 111 ) ، " مصدق لما معهم " ( 2 : 89 و 101 ) ، " مصدق لما معكم " ( 3 : 81 ) ، " مصدق الذى بين يديه " ( 6 : 92 ) ، " مصدقا لما معكم " ( 2 : 41 ، 4 : 47 ) ، " مصدقا لما معهم " ( 2 : 91 ) ، " مصدقا لما بين يديه " ( 2 : 97 ، 3 : 3 ، 5 : 46 مرتين ، 5 : 48 ، 35 : 31 ، 46 : 30 ) .

فصفة القرآن المتواترة أنه " كتاب مصدق " ( الأحقاف 12 ) ، و صفة محمد المتواترة انه " صدق المرسلين " ، و هذا هو المعنى الوحيد للتعبير المتشابه ، " خاتم النبيين " .

فليس فى القرآن من تصريح بأن محمدا خاتمة الأنبياء . انه " خاتم النبيين " اى الذى " صدق المرسلين " .

بحث ثالث

نبوءة محمد هداية و اقتداء

قلنا و نقول : إن تعابير " الوحى " و " التنزيل " من متشابهات القرآن ، فلا تقطع بمعنى محدود ، و لا بكيفية معينة . فلا يصح ان يبنى عليها قضية و لا عقيدة . لذلك فتعابير " النى " و " الرسول " لا تقطع بمعنى محدود .

معجزة القرآن ٢٧٣

و تصاريحه مثل قوله : " إنا أوحينا اليك ، كما أوحينا الى نوح و النبيين من بعده " ( النساء 163 ) لا تدل على المطابقة فى كيفية الوحى ، و لا على المقابلة أو المماثلة ، فإن تصاريح أخرى تقيد معناها ، كقوله : " و ان هذا افى الصحف الأولى " ، " أو لم تأتهم بينة ما فى الصحف الأولى " .

و تصاريحه مثل قوله : " و انه لتنزيل رب العالمين ... " لا تقطع بمعنى محدود لقوله : " و انه لفى زبر الأولين : أولم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بنى اسرائيل " ( الشعراء 192 – 197 ) ، " بل هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم " ( العنكبوت 49 ) ، " يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، ( الانعام 20 ، البقرة 146 ) لأن القرآن العربى له " مثله " عندهم من قبله ( الاحقاف 10 )

فيجب أن نلتمس صفة النبوة المحمدية من القرائن القرآنية .

عند فتور الوحى ، يعدد له الله عليه فيقول : " ووجدك ضالا فهدى " ( الضحى 7 ) . فنبوءته هداية . و هذه الهداية تستمر حتى الفتح المبين ، مع ما تقدم و تأخر من ذنبه : " وليتم نعمته عليك و يهديك صراطا مستقيما ( الفتح 2 )

و صلاة الفاتحة هى صلاة محمد قبل أمته : " اهدنا الصراط المستقيم " .

و القرآن نفسه ينص على أن رؤيا الوحى اليه كانت هداية الى الايمان بالكتاب و الدعوة له بين العرب و العدل به بين أهل الكتاب : " و كذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا : ما كنت تدرى ما الكتاب

و لا الايمان ؟ و لكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا ، و إنك لتهدى 1 الى صراط مستقيم " ( الشورى 52 ) ، " فلذلك فادع و استقم كما أمرت ، و لا تتبع أهواءهم ! و قل : آمنت بما أنزل الله من كتاب و أمرت لأعدل بينكم " ، و هذا العدل هو بإقامة دين موسى و عيسى معا ( الشورى 15 مع 13 )

و مما يؤيد أن نبوته هداية الأمر المكرر اليه : " و أمرت أن أكون من المسلمين ، و أن أتلو القرآن " ( النمل 91 – 92 ) " و أمرت أن أكون من المؤمنين " ( يونس 104 ) ، " و أمرت أن أسلم لرب العالمين " ( غافر 66 ) ، " و قل : إنى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين ، و أمرت


1 لتهدى قراءة أصح من " لتهدى " لأنها تنسجم مع الأمر بالايمان بالكتاب .