١٤٤ الفصل العاشر

4 - وفي شهر ذي الحجّة سنة 378ﻫ (= مارس أو ابريل 989 م) ، أرسل أبو علي عيسى بن إسحق بن زُرْعة49 رسالةً إلى صديقٍ مسلم ، يوضح فيها معنى "صفات الله" حسب مفهوم النصارى50.

فهو يعرض فيها رأي أستاذه القائل إن البارئ تعالى "واحد من جهة وكثير من جهة أخرى"51 وأن الله هو "جوّاد قادر حكيم"52 ، على ما أوضحه يحيى في الباب الحادي عشر من المقالة في التوحيد53.

وفي رسالة أرسلها أبو علي عيسى بن زُرعة ، سنة 387ﻫ/997 م ، إلى بشر بن فنحاس ابن شُعَيب الحاسب ، اليهودي الملّة54 ، يكرّر هذا الرأي الأخير56.

3 – "المقالة في التوحيد" عند تلامذة تلامذة يحيى

أ – تقديم نص عبد الله بن الطيّب

نكتفي هنا بإيراد نص صغير للشيخ أبي الفرج عبد الله بن الطيب ، تلميذ أبي علي عيسى بن زرعة المذكور ، وأستاذ الفلسفة والطب ببغداد في مطلع القرن الحادي عشر ، بل رئيس المدرسة الأرسطوطالية في أيامه . وقد مدحه الشيخ الرئيس أبو علي ابن سينا كطبيب ، وهجاه كفيلسوف ، إذ كانا يختلفان في المذهب الفلسفي . وتُوفّي أبو الفرج سنة 435ﻫ/ 1043م .

وقبل أن نورد النص الموعود في "أقسام الواحد" ، نشير إلى أنّ ابن الطيب ، عندما يقدم الثالوث ، يعتمد على يحيى بن عدي . وقد رأينا أنه يستعمل الثلاثية "علم ـ عالم ـ معلوم"56. إلا أنه يستعمل أيضا ثلاثية يحيى المذكورة في مقالتنا "جود وقدرة وحكمة" .


49) راجع أعلاه ، في الفصل الأول من بحثنا ، ص 32 (رقم 3) .
50) هذه الرسالة منشورة في سباط ، ص 6 – 19 . راجع بخصوصها جراف ، ج 2 ، ص 253 (رقم 2) .
51) راجع سباط ، ص 7 ، سطر 6 – 7 .
52) راجع سباط ، ص 8/6 – 13 و12/3 إلى 13/8 .
53) راجع "توحيد" رقم 325 – 375 .
54) راجع سباط ص 19 – 52 . وانظر بخصوصها جراف ، ج2 ، ص 255 (رقم 6) .
55) راجع سباط ، ص 37 – 40 .
56) راجع أعلاه في هذا الفصل ، ص 138 ، حاشية 17 .
يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد في الفكر العربي ١٤٥

ففي "المقالة في التثليث والتوحيد"57 يقول إن الله "قدرة وجود وحكمة"59 ؛ وفي المقالة في التثليث"59 يقول إنه "حكمة وقدرة وجود"60.

ب – نص عبد الله بن الطيّب

وإليك نص ابن الطيب في أقسام الواحد ، كما ورد في نهاية الباب 16 من "مجموع أصول الدين" لأبي إسحق ابن العسال61 . ولستُ أدري من أين اقتبس مؤتمن الدولة ابن العسال هذا النص لابن الطيب .

"وعبّر ابن الطيب بعبارة أخرى عن الواحد ، فقال :

"الواحد موجودٌ ما62 ، لا يوجد فيه غيريّة63 ، من حيث هو ذلك الواحد"64.
"وعدد أقسام الواحد اثنا عشر65:

1 – 66 الواحد في الجنس ، بمنزلة أنواع الحيوان في طبيعة الحيوان .
2 – الواحد في النوع ، بمنزلة أشخاص في طبيعة الإنسان .
3 – الواحد في الموضوع ، بمنزلة السواد والبياض ، يُحكَم عليهما بأنهما واحد من قِبَل أن موضوعهما67 واحد .
4 – الواحد في الحد ، بمنزلة أشخاص الناس بأسرهم ، فإنهم في حد نوعهم واحد . ف 176 ﺠ


57) راجع الحاشية 17 (2) .
58) انظر ص 115 و117 (رقم 5 – 6) من طبعة الأستاذ جيرار طروبو .
59) راجع الحاشية 17 (1) .
60) انظر ص 365 من طبعة الأب سمير خليل (رقم 29 – 32) ، وص 366 (رقم 37 – 39) ، وص 375 – 376 (رقم 96 و103) .
61) راجع مخطوط الفاتيكان رقم 103 عربي (القرن 13) ورقة 175 ظ 9 إلى 176 ﺠ . ومخطوط باريس رقم 200 عربي (القرن 16) ورقة 119 ظ .
62) سقطت كلمة "ما" في المخطوطين .
63) في المخطوطين "غيره" ، كما وجدنا في مخطوط نظيف بن يمن (راجع ص 142 والحاشية 37) .
64) راجع تعريف "الواحد" كما جاء في المقالة في التوحيد رقم 148 (و149 و160 الخ) .
65) مخطوط باريس : "عشره" .
66) الأرقام موجودة في الأصل ، وهي مكتوبة في المخطوطين بالحروف القبطية ، كالعادة .
67) مخطوط باريس : "موضعهما" .