٦ عقيدة الثالوث القويمة

قوله (لم يلد ولم يولد) فلا يبعد أن يكون موجها للمكيين لا للمسيحيين لأن نبي المسلمين إما أنه لم يفهم عقيدة الثالوث تمام الفهم أو أنه كان يحارب عقائد ينكرها كلا المسلمين والمسيحيين . لأنه يبان من القرآن نفسه أن الثالوث حسب رأي نبي المسلمين مؤلف من أب وابن ! وأم هي مريم العذراء .

إن حالة اليهود في زمن الرسل وحالة المسلمين اليوم ودائما ليستا متشابهتين من هذه الوجهة تماما فإن اليهود على رغم أنهم كانوا موحدين وأنهم كانوا يتدرجون إلى مذهب التنزيه المطلق فإن أسماءهم كانت قد ألفت ألفاظا "كالله الآب" أو "ابن الله" كما يظهر من درس التوراة حيث تستعمل هذه الألفاظ للدلالة على أية علاقة شديدة ونسبة وثيقة بين الله والأمة المختارة ثم بين الله والملك الممسوح وأخيرا بينه وبين المسيح المسيا المنتظر . فقد كان من السهل إذا على تلاميذ المسيح الاثني عشر الموحدين وعلى غيرهم من المدركين كبولس مثلا أن يفسروا تلك الألفاظ بمعناها الروحي ـ أي النسبة الأزلية الكائنة بين الله وكلمته المتجسدة . والحق أن المسلمين أنفسهم يعتقدون بإمكانية أزلية الكلمة إذ يقولون بأزلية القرآن .

وخلاصة الرد على الاعتراض الأول أننا إذا حذفنا معنى التوالد

عقيدة الثالوث القويمة ٧

من الأبوة الروحية كأنها لا تطابق كائنا روحيا لم يبق لقولنا أب وابن سوى اعتبارات أدبية تليق بالله . وهذا الحل يحل لنا أيضا مشكلة الآب والابن باعتبار التتابع الزمني . ويبين لنا أن العلاقة بينهما متبادلة وبالنتجية أزلية .

ولكن لا يزال هناك صعوبة أخرى وهي التعدد باعتبار الله الواحد وفيها بحثنا الآن .

الاعتراض الثاني والرد عليه

رب معترض يقول "ان التمييز يناقض التطابق في حد ذاته وكذلك التعدد يناقض الوحدة"

نقول إن الحقيقة هي عكس ذلك . فليس في عالم الحقائق تطابق بدون تمييز ولا وحدة بدون تعدد . فليس إذا في الوحدة المثلثة الأقانيم ما يناقض العقل بديهيا بل بالعكس أن الفلسفة القديمة والحديثة تشير ضررورة إلى فكر كهذا لمن أراد الاعتقاد بإله حقيقي .

وقد أثبتت لنا الفلسفة الحديثة بالخصوص أن النسبة والتناسب هما قوام الكينونة . وليت شعري هل النسبة سوى تمييز أو تعدد في الوحدة ؟ فكلما عظم التناسب كانت الحقيقة أتم ونوع الوحدة