١٨ عقيدة الثالوث القويمة

أعضاء وحدة متبادلة الارتباط غير قابلة الانفصال . وليس في هذا ما ينافي كون ذات الله ثلاثة أقانيم ممتازة بعضها عن بعض بل بالعكس يثبت هذه الحقيقة لأن هذه الأقانيم تكون وحدة الله الكاملة وتحققه لنا ـ ليس كائنا ذا وحدة هندسية عقيمة بل كائنا ساميا كامل الوحدة الحقيقية له المجد إلى أبد الآبدين .

والخلاصة أن ذات الله ليس لها أجزاء وإن يكن لها "أعضاء" فلا يمكن تجزئتها .

الاعتراض الرابع والرد عليه

وهنالك اعتراض رابع على عقيدة التثليث يتعرض له كثيرون من أتباع هذه العقيدة وهو القول بأن التثليث ينزل الإله منزلة "الجنس" ويجعله مؤلفا من ثلاثة أفراد آلهة والعياذ بالله .

إن هنالك أمرين يبينان خطأ الذين يبدون هذا الاعتراض . وقبل أن نبينهما يجدر بنا أن ننظر في هذا الاعتراض . فالجنس هو ضرب يعم كثيرين من نوعه . فالإنسان مثلا جنس وهو يعم عمرا وزيدا وعبيدا وهلم جرا . فإذا جعلنا الله جنسا نكون قد جعلنا وحدته وحدة جنسية وأعضاءها الثلاثة آلهة ثلاثة (ونستغفر الله) كما أن عمرا وزيدا وعبيدا هم ثلاثة رجال.

عقيدة الثالوث القويمة ١٩

وها نحن نذكر الأمرين اللذين أشرنا إليهما :

(١) إن الجنس ليس له وجود جوهري على الإطلاق . فهو تجريد أو تعميم يطلق على أفراد كثيرين مرتبطين معا بخواص مشتركة . أما الله فليس تعميما ولا تجريدا بل هو أسمى حقيقة حية فمهما تكن أقانيم الثالوث الأقدس لا يمكن أن تكون أفرادا مرتبة بحسب مثل هذا التجريد أو التعميم وعليه تكون تهمة المسلمين للمسيحيين بأنهم يعبدون ثلاثة آلهة تهمة ساقطة.

نعم إن المجادلات الفلسفية قد طالت بخصوص ماهية هذه الأجناس العامة . هل هي تجريد مجرد ألفاظ تشير إلى علاقات مشتركة بين الأعضاء وبعبارة أخرى هل هي أسماء وضعت لتسهيل التنسيق والتبويب ؟ هذا هو مذهب "الاسميين" وقد وافق عليه بعضهم باعتبار وجود الأجناس المحسوس . إلا أنهم حرصوا على حفظ حقيقة معينة بخلاف الفلاسفة "الاسميين" بقولهم أن الجنس هو صورة حقيقية تتولد في الفكر لا مجرد اسم وقد كان هؤلاء الفلاسفة يعرفون بالفلاسفة "التصوريين" . ولقد قال ارسطو بوجوب الاعتقاد بحقيقة وحدة الجنس التي تنطوي عليها اختلافات الأفراد ولذلك دعى اتباع ارسطو الفلاسفة "الحسيين" (أي