٢٤ عقيدة الثالوث القويمة

لا يمكن تجزئته إلى ما لا نهاية له قال أننا عند تجزئتنا المادة لا بد أن نقف عند حد وهذا الحد إما أن يكون له امتداد أو ليس له امتداد . فإن كان له امتداد فالعقل يتصور قبوله للقسمة ..... إذا لم يبق إلا القول بأنه لا امتداد له . وإذا ثبت هذا علمت أن جميع الأجسام مركبة من أجزاء لا امتداد لها مطلقا ولكن لها وضع معين فهي مثل النقط الهندسية وإنما تمتاز عنها في أنها أشياء وجودية لا وهمية !

هذه هي النتيجة التي استنتجها المؤلف وهي الأساس الذي يبني عليه كل حججه وبراهينه وهي في صدر كتاب غايته دحض الفلسفة المادية وإثبات الديانة الإسلامية .

ولا شك أن التناقض (إذا كان ثمة تناقض) في عقيدة الثالوث ليس شيئا مذكورا في جنب هذا التناقض الغريب فالمؤلف يدعي أن المادة تتألف من جواهر لا امتداد لها مع أن الامتداد هو أشهر خواص المادة وأهمها كما يدل على ذلك اسم "مادة" نفسه ولا يخفى أن الأشياء التي لا امتداد لها هي صفر وإذا جمعت أصفار لأصفار فالمجموع لا يكون إلا صفرا بخلاف ما يقوله المؤلف من أن مجموع الجواهر الفردة (وهي على زعمه أصفار) يؤلف

عقيدة الثالوث القويمة ٢٥

المادة ! ترى كم يجب أن نضم من الجواهر الفردة التي لا امتداد لها إلى أمثالها لكي يحصل عندنا مادة ذات امتداد ؟ ـ هذا وإن من السهل أن نستنتج تناقضات عظيمة أخرى مضحكة من هذا القبيل . على أنه لا نسلم أن المسألة مفصلة باعتبار الثالوث بدرجة إشكالها هنا .

فإذا تمسكنا بالنتيجة التي وصلنا إليها بعد إجهاد الفكر رأينا أن هنالك نظرية يمكن تطبيقها على الإله وليست صعبة الإدراك وهي نظرية "العضوية الروحية" التي تحل جميع الصعوبات التي أشار إليها المؤلف . ففي كل كيان عضوي نرى أن الجوهر يعمل في كل عضو عملا خاصا . فإذا كانت عيني ترى فأنا كلي أرى . أما أذني فلا ترى .

ومع هذا فلا يصح القول بأنني أرى ولا أرى في آن واحد . بل يصح القول بأنني أرى بعيني ولا أرى بأذني في آن واحد . فمجموعي إذا يستفيد من عمل عيني .

إن العضو إذا أتى عملا ما فالجوهر كله ـ مجموعا ـ يأتي ذلك العمل والأعضاء تشترك . على أن هذا لا ينافي أن لكل عضو عملا خاصا أو وظيفة خاصة . فإذا تألم عضو واحد تألم سائر المجموع . على أن هذا لا يمنع أن يتألم كل عضو ألما خاصا . وبعبارة أخرى