٢٦ عقيدة الثالوث القويمة

أننا نرى أن ما دعاه المؤلف المذكور تناقضا قد أصبح حقيقة ـ أي أن من الأشياء ما يعمل ولا يعمل في آن واحد .

ولسنا نقول أن العضوية الروحية هي الموافق تطبيقها كل الموافقة على الإله وإنما نعتقد أنها أسمى نظرية يمكن تطبيقها إذا أردنا أن نؤمن بإله حي . ولا شك أن الحقيقة هي أسمى من أن تتصورها مداركنا إلا أن هذا إنما يجعل مقالنا أتم صدقا وهو أن لكل أقنوم من أقانيم الله وظيفة خاصة وأنه يعمل في جميع هذه الأقانيم . فهو قد يتجسد مثلا في أقنوم الكلمة ابنه بدون نسبة ذلك التجسد إلى الآب أو الروح القدس .

فإذا صح أن للجسم العضوي المحدود وحدة حقيقية وأعضاءه تحيا في بعضها وفي ذاتها العامة وإذا صدق هذا فكم بالحري الإله غير المحدود !

فمذهب الثالوث إذا لا يؤثر فيه الانتقاد من هذه الوجهة فقد بطل إذا الاعتراض الأخير .

_________

  ٢٧

الباب الثاني

عقيدة الثالوث

تسهل بعض المعضلات الدينية

الله والخلق

قد رأينا مما سبق أن عقيدة الثالوث بدلا من جعلها الاعتقاد بالله من الأمور العسرة هي في الحقيقة تزيل بعض المشاكل التي يجدها الإنسان في الأديان الموحدة ومنها الاسلام نفسه . فمن تلك المشاكل أننا إذا تغاضينا عن عقيدة التثليث لا نستطيع أن ندرك السبب الذي من أجله خلق الله العالم مع أنه تعالى مكتف بنفسه قائم بذاته . ألم يكن خلقه للعالم ضارا بصفة القيام بالذات ؟ والحق أن جميع علماء الاسلام ودارسي عقائده يدركون وجاهة هذه المعضلة وما عقيدة الصدور وقدم العالم التي جاء بها أئمتهم وقول صوفيتهم "كنت كنزا مخفيا الخ" الا أدلة قاطعة على حقيقة تلك المعضلة . ولكن لو نظروا فيها باعتبار عقيدة التثليث لرأوا الإشكال أخف جدا .

فنلخص هنا أولا المشاكل المترتبة على العقيدة الاسلامية بخصوص الخلق :